للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا النَّصُّ بِمَعْنَى التَّخْصِيصِ، فَإِنَّ الْآيَةَ الْأُولَى وَرَدَتْ مَوْرِدَ الْعُمُومِ، فَبَيَّنَتْهَا الَّتِي بَعْدَهَا: أَنَّ مِمَّا لَا يَخْفَى لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، وَهُوَ حَدِيثُ النَّفْسِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ دَفْعَهُ عَنْ قَلْبِهِ. قَالَ: وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانُوا يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ اسْمَ النَّسْخِ عَلَى الِاتِّسَاعِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْلَا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ لَكَانَ مُؤَاخَذًا بِجَمِيعِ ذَلِكَ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا خَبَرًا مُضَمَّنًا لِحُكْمٍ، وَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِمُؤَاخَذَةِ عِبَادِهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَتَعَبُّدِهِمْ بِهِ، فَلَمَّا قَابَلُوهُ بِالطَّاعَةِ خَفَّفَ عَنْهُمْ، وَوَضَعَ عَنْهُمْ حَدِيثَ النَّفْسِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: {يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٤] خَبَرًا مُضَمَّنًا لِحُكْمٍ، أَيْ مُحَاسِبُكُمْ بِهِ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: ٦٥] الْآيَةَ. قَالَ: وَهَذَا كَتَبْته مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>