للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَمَضَانُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَوْمٌ. ثُمَّ نُسِخَ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَبَقِيَ الْقِيَاسُ مُسْتَمِرًّا فِي رَمَضَانَ. وَقَدْ نُوزِعَ فِي هَذَا الْمِثَالِ الثَّانِي، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ حُكْمَ الْقِيَاسِ مُغَايِرٌ لِلْحُكْمِ الْمَنْسُوخِ، لِأَنَّ حُكْمَ الْقِيَاسِ تَرْكُ التَّبْيِيت، وَالْحُكْمُ الْمَنْسُوخُ إنَّمَا هُوَ وُجُوبُ الصَّوْمِ، وَلَيْسَتْ مَسْأَلَتُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. وَقَالَ إلْكِيَا: ذَهَبَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى جَوَازِ الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ الْمَنْسُوخِ فِي أَمْثِلَةٍ، لَا بُدَّ مِنْ مُسَاعَدَتِهِمْ عَلَى بَعْضِهَا. كَقَوْلِهِمْ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ: كَانَ وَاجِبًا، وَجَوَّزَهُ الرَّسُولُ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ، ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهُ، فَادَّعَوْا أَنَّ النَّسْخَ يَرْجِعُ إلَى تَبْدِيلِ النِّيَّةِ، وَمَا فَهِمْنَاهُ مِنْ جَوَازِ النِّيَّةِ مِنْ النَّهَارِ بَاقٍ بِحَالِهِ، لَا يَتَأَثَّرُ بِنَسْخِهِ، فَإِذَا عَرَفْنَا تَمَاثُلَ الْحُكْمَيْنِ عِنْدَ وُجُوبِهَا مِنْ النِّيَّةِ، فَالنَّسْخُ رَاجِعٌ إلَى أَحَدِهِمَا فِي الْوُجُوبِ، لِأَنَّهُ الْمَعْنَى الْمَنْقُولُ مِنْهُ. قَالَ إلْكِيَا: وَهَذَا حَسَنٌ لَا رَيْبَ فِيهِ. نَعَمْ، لَوْ نُسِخَ الْأَصْلُ لَا إلَى بَدَلٍ، فَالْفَرْعُ لَا يَبْقَى دُونَ الْأَصْلِ. وَهَاهُنَا نَسْخٌ إلَى بَدَلٍ كَمَا إذَا نُسِخَ تَحْرِيمُ التَّفَاضُلِ فِي الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ بِالْمَعْنَى الْمُسْتَنْبَطِ مِنْهُ فِي الْمَطْعُومَاتِ، لِأَنَّهُ يَكُونُ فَرْعًا بِلَا أَصْلٍ، وَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ قَوْلُهُمْ: إنَّ التَّوَضُّؤَ بِالنَّبِيذِ جَائِزٌ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَإِنْ تَمَّ أَدَاؤُهُ مِنْ حَيْثُ كَانَ نَقْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>