للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خَاتِمَةٌ أُمُورٌ لَا يَثْبُتُ بِهَا النَّسْخُ]

ُ لَا يَثْبُتُ النَّسْخُ بِالتَّرْتِيبِ فِي الْمُصْحَفِ وَقَدْ سَبَقَ، وَلَا بِكَوْنِ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ أَخَفَّ مِنْ الْآخَرِ خِلَافًا لِلْقَائِلَيْنِ بِأَنَّهُ لَا يُنْسَخُ الشَّيْءُ إلَّا بِمَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ، فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَدِلَّةِ النَّسْخِ، وَأَنَّ الْأَخَفَّ هُوَ النَّاسِخُ وَالْأَغْلَظَ هُوَ الْمَنْسُوخُ، حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَلَا بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا يُوَافِقُ الْحَظْرَ وَالْآخَرِ الْإِبَاحَةَ، خِلَافًا لِلْقَائِلَيْنِ بِأَنَّ أَصْلَ الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ النَّاسِخَ مَا يَقْتَضِي الْحَظْرَ، لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ الْحَظْرِ إلَى الْإِبَاحَةِ يُعَيِّنُ الْعَوْدَ إلَى الْإِبَاحَةِ ثَانِيًا، فَجُعِلَتْ الْآيَةُ الْمُبِيحَةُ تَأْكِيدًا لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الْإِبَاحَةِ، وَالْآيَةُ الَّتِي فِيهَا الْحَظْرُ نَاقِلَةً عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِبَاحَةِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْحَظْرِ حَتَّى يَأْتِيَ دَلِيلُ الْإِبَاحَةِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ آيَةَ الْإِبَاحَةِ نَاسِخَةً، وَيَجْعَلُ الَّتِي فِيهَا الْحَظْرُ مُؤَكِّدَةً لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَظْرِ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَلَيْسَتْ الْأَشْيَاءُ عِنْدَهُ عَلَى الْحَظْرِ وَلَا عَلَى الْإِبَاحَةِ، بَلْ هِيَ عَلَى مَا شَرَعَ اللَّهُ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى النَّسْخِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>