للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُطْلَقًا، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَإِلْكِيَا: إنْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ وَمَضَى وَقْتُ وُجُوبِهِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ، أَوْ فَعَلَ ضِدَّهُ عَلِمْنَا نَسْخَهُ، كَتَرْكِهِ قَتْلَ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ. وَإِنْ فَعَلَ مَا يُضَادُّهُ قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهِ دَلَّ عَلَى نَسْخِ حُكْمِ قَوْلِهِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَ نَسْخَ الشَّيْءِ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِهِ، وَلَمْ يُنْسَخْ عِنْدَ مَنْ مَنَعَهُ، وَإِنْ قَدَّمَ الْفِعْلَ كَانَ الْقَوْلُ نَاسِخًا لَهُ. وَقَدْ اسْتَشْكَلَ جَعْلُ الْفِعْلِ نَاسِخًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ النَّاسِخِ مُسَاوَاتُهُ لِلْمَنْسُوخِ، أَوْ أَقْوَى، وَالْفِعْلُ أَضْعَفُ، وَأَجَابَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُسَاوَاةُ بِاعْتِبَارِ السَّنَدِ لَا غَيْرُ، وَذَلِكَ لَا يُنَاقِضُ كَوْنَهُ فِعْلًا، وَلِهَذَا يَجِبُ أَنْ يُفَصَّلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُقَالُ: الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ إنْ كَانَ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَبِحَضْرَتِهِ، فَقَدْ اسْتَوَيَا، وَإِنْ نُقِلَا إلَيْنَا تَعَيَّنَ أَنْ لَا يُقْضَى بِالنَّسْخِ إلَّا بَعْدَ اسْتِوَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُتَوَاتِرًا وَالْآخَرُ آحَادًا مَنَعْنَا نَسْخَ الْآحَادِ لِلْمُتَوَاتِرِ. قَالَ: وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ الْأُسْتَاذُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ الصَّادِرِ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَأَمَّا الْقَوْلُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْفِعْلُ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذَا تَعَارَضَا، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ الْفِعْلُ عَلَى خَصَائِصِهِ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>