للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُنْكِرْهُ لَكَانَ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِلَّا لَأَمَرَ بِتَرْكِهِ. اهـ.

وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْقَلُ هَذَا الشَّرْطُ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: كَوْنُ الْمُقَرِّ عَلَى الْفِعْلِ مُنْقَادًا لِلشَّرْعِ، سَامِعًا مُطِيعًا، فَالْمُمْتَنِعُ كَالْكَافِرِ لَا يَكُونُ التَّقْرِيرُ فِي حَقِّهِ دَالًّا عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَأَلْحَقَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمُنَافِقَ، وَنَازَعَهُ الْمَازِرِيُّ؛ لِأَنَّا نُجْرِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامَ ظَاهِرًا، وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ وَالِانْقِيَادِ فِي الْجُمْلَةِ، وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ " فِي تَقْرِيرِ الْمُنَافِقِ خِلَافًا، وَمَالَ إلْكِيَا إلَى مَا قَالَهُ إمَامُهُ. قَالَ:؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ كَثِيرًا مَا يَسْكُتُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ عِلْمًا مِنْهُ أَنَّ الْعِظَةَ لَا تَنْفَعُ مَعَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْعَذَابُ حَقِيقًا بِهِمْ، وَشَرَطَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَعْلِيقِهِ كَوْنَ التَّقْرِيرِ بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّرْعِ، وَأَمَّا مَا كَانَ يُقِرُّ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الشَّرْعِ، حِينَ كَانَ دَاعِيًا إلَى الْإِسْلَامِ فَلَا، وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى الثَّانِي، وَشَرَطَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ إنْكَارٌ سَابِقٌ قَالَ: وَإِذَا ذَمَّ الرَّسُولُ فَاعِلًا بَعْدَ إقْرَارِهِ عَلَى فِعْلِ مِثْلِهِ، دَلَّ عَلَى حَظْرِهِ بَعْدَ إبَاحَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ هُوَ الذَّمُّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، دَلَّ عَلَى الْحَظْرِ بَعْدَ الْإِبَاحَةِ. قَالَ: وَإِذَا عُلِمَ مِنْ حَالِ مُرْتَكِبِ الْمُنْكَرِ أَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ يَزِيدُهُ إغْرَاءً عَلَى مِثْلِهِ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ غَيْرُ الرَّسُولِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ؛ لِئَلَّا يَزْدَادَ مِنْ الْمُنْكَرِ بِالْإِغْرَاءِ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ الرَّسُولُ فَفِي إنْكَارِهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ لِمَا ذُكِرَ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ. وَالثَّانِي: يَجِبُ إنْكَارُهُ لِيَزُولَ بِالْإِنْكَارِ تَوَهُّمُ الْإِبَاحَةِ. قَالَ: وَهَذَا الْوَجْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>