للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ خَبَرُ الْوَاحِدِ الْمَحْفُوفُ بِالْقَرَائِنِ]

ِ، ذَهَبَ النَّظَّامُ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ إلَى أَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيَّ وَالْآمِدِيَّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْبَيْضَاوِيُّ وَالْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَيَكُونُ الْعَمَلُ نَاشِئًا عَنْ الْمَجْمُوعِ مِنْ الْقَرِينَةِ وَالْخَبَرِ، وَذَهَبَ الْبَاقُونَ إلَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ.

[الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ يَنْقَسِمُ التَّوَاتُرُ بِاعْتِبَارَاتٍ]

ٍ. أَحَدُهَا: إلَى مَا يَتَوَاتَرُ عِنْدَ الْكَافَّةِ، وَإِلَى مَا يَتَوَاتَرُ عِنْدَ أَهْلِ الصِّنَاعَةِ، كَمَسْأَلَةِ عَدَمِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، فَإِنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ دُونَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْأَوَّلُ مُنْكِرُهُ مُعَانِدٌ كَافِرٌ كَمُنْكِرِ الْقُرْآنِ، بِخِلَافِ السُّنَّةِ. إذْ جَازَ أَنْ يَخْتَصَّ بِذَلِكَ أَهْلُ الْحَدِيثِ دُونَ غَيْرِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا قَوْلُك فِي الْبَسْمَلَةِ إذَا ادَّعَيْتُمْ التَّوَاتُرَ بِكَوْنِهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ، وَخَالَفَكُمْ فِيهِ الْأَئِمَّةُ؟ قُلْنَا: لَمْ يَقَعْ النِّزَاعُ فِي كَوْنِهَا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؛ لِيَكُونَ جَاحِدُهَا كَافِرًا، وَإِنَّمَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِي تَعَدُّدِ الْمَوْضِعِ وَاتِّحَادِهِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَوَاتُرِ أَصْلِهَا مِنْ الْقُرْآنِ، قَالَهُ أَبُو الْعِزِّ الْمُقْتَرِحُ: وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ جَوَابِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ. ثَانِيهَا: التَّوَاتُرُ قَدْ يَكُونُ لَفْظِيًّا وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَوِيًّا، وَهُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ مَنْ سَبَقَ ذِكْرُهُمْ عَلَى أَخْبَارٍ تَرْجِعُ إلَى خَبَرٍ وَاحِدٍ، كَشَجَاعَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وُجُودِ حَاتِمٍ.

قَالُوا: وَمُعْجِزَاتُ النَّبِيِّ تَثْبُتُ بِهَذَا النَّوْعِ، وَهُوَ دُونَ التَّوَاتُرِ اللَّفْظِيِّ؛ لِأَجْلِ الِاخْتِلَافِ فِي طَرِيقِ النَّقْلِ. قَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ الطَّرِيقِ السَّالِمِ ": وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الْمَنْقُولِ بِالتَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ مُتَقَوَّلًا، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الْآحَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>