للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوقَفُ، وَيَجِبُ الِانْكِفَافُ إذَا رُوِيَ التَّحْرِيمُ إلَى الظُّهُورِ فَتَحَصَّلْنَا عَلَى أَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ. وَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ فِي " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ " تَصْحِيحَ قَبُولِ رِوَايَةِ الْمَسْتُورِ، وَرُبَّمَا أَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِمَسْتُورِي الْعَدَالَةِ، فَالرِّوَايَةُ أَوْلَى، وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ: قَبُولُ رِوَايَةِ الْمَسْتُورِ إنَّمَا تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْقَضَاءِ بِالنِّكَاحِ، لَا مَنْزِلَةَ انْعِقَادِ النِّكَاحِ، وَالنِّكَاحُ لَا يُقْضَى فِيهِ عِنْدَ التَّجَاحُدِ بِشَهَادَةِ مَسْتُورٍ، فَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ الْمَشْهُورِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ ": إنْ كَانَ الشَّافِعِيُّ قَدْ اعْتَقَدَ أَنَّ شُهُودَ النِّكَاحِ عُدُولٌ فِي ظَاهِرِ الْإِسْلَامِ فَقَدْ نَاقَضَ مَا قَالَهُ فِي حَدِّ الْعَدَالَةِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَصْلُ الْعَدَالَةِ وَمُعْظَمُهَا، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ وَحْدَهُ عَدَالَةً فَذَلِكَ بَعِيدٌ مِنْ قَوْلِهِ. انْتَهَى.

وَجَوَابُهُ مَا ذُكِرَ، وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ كَلَامَهُ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ " أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْمَجْهُولُ، وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ. ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْمَسْتُورِ مَنْ يَكُونُ عَدْلًا فِي الظَّاهِرِ، وَلَا تُعْرَفُ عَدَالَتُهُ بَاطِنًا، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ تَبَعًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي " النِّهَايَةِ " أَنَّ الْعَدَالَةَ الْبَاطِنَةَ هِيَ الَّتِي تَرْجِعُ فِيهَا الْقُضَاةُ إلَى قَوْلِ الْمُزَكِّينَ، وَسَبَقَ عَنْ النَّصِّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُهُ. وَفَسَّرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمَسْتُورَ بِاَلَّذِي لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ نَقِيضُ الْعَدَالَةِ، وَلَمْ يَبْقَ الْبَحْثُ عَلَى الْبَاطِنِ فِي عَدَالَتِهِ، وَكَلَامُ الْأُصُولِيِّينَ وَمِنْهُمْ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ الِاسْتِقَامَةُ بِلُزُومِ أَدَاءِ أَوَامِرِ اللَّهِ، وَتَجَنُّبِ مَنَاهِيهِ وَمَا يَثْلِمُ مُرُوءَتَهُ، أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَمْ لَا. قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يَكْفِيهِ اجْتِنَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>