للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالظَّاهِرُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ، إمَّا اضْطِرَارًا أَوْ اكْتِسَابًا، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ السَّابِقُ. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَمَنْ عُلِمَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا حَكَاهُ عَلَى السَّمَاعِ، حَتَّى يُعْلَمَ غَيْرُهُ، سَوَاءٌ بَيَّنَ ذَلِكَ أَوْ لَا، لِظُهُورِ الْعَدَالَةِ فِي الْكُلِّ.

مَسْأَلَةٌ [تَعْرِيفُ التَّابِعِينَ] الْخِلَافُ فِي التَّابِعِيِّ كَالْخِلَافِ فِي الصَّحَابِيِّ، هَلْ هُوَ الَّذِي رَأَى صَحَابِيًّا أَوْ الَّذِي جَالَسَ صَحَابِيًّا؟ قَوْلَانِ، حَكَاهُمَا النَّوَوِيُّ أَوَّلَ تَهْذِيبِهِ ". وَقَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: هُوَ مَنْ صَحِبَ الصَّحَابِيَّ، وَكَلَامُ الْحَاكِمِ - كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ - يُشْعِرُ بِالِاكْتِفَاءِ بِاللِّقَاءِ، وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ فِي الصَّحَابِيِّ نَظَرًا إلَى مُقْتَضَى اللَّفْظَيْنِ فِيهِمَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِشَرَفِ الصُّحْبَةِ، وَعِظَمِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَلِكَ أَنَّ رُؤْيَةَ الصَّالِحِينَ لَهَا أَثَرٌ عَظِيمٌ. فَكَيْفَ رُؤْيَةُ سَيِّدِ الصَّالِحِينَ فَإِذَا رَآهُ مُسْلِمٌ وَلَوْ لَحْظَةً انْصَبَغَ قَلْبُهُ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ؛ لِأَنَّهُ بِإِسْلَامِهِ تَهَيَّأَ لِلْقَبُولِ، فَإِذَا قَابَلَ ذَلِكَ النُّورَ الْعَظِيمَ أَشْرَقَ عَلَيْهِ، وَظَهَرَ أَثَرُهُ فِي قَلْبِهِ وَعَلَى جَوَارِحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>