للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ ": التَّدْلِيسُ يَتَضَمَّنُ الْإِرْسَالَ لَا مَحَالَةَ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي حَذْفِ الْوَاسِطَةِ. وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ التَّدْلِيسَ يُوهِمُ سَمَاعَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَهُوَ الْمُوهِنُ لِأَمْرِهِ، وَالْإِرْسَالُ لَا يَتَضَمَّنُ التَّدْلِيسَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوهِمُ ذَلِكَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى قَبُولِ خَبَرِهِ، وَقَالَ بِهِ جُمْهُورُ مَنْ قَبِلَ الْمُرْسَلَ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوَهُّمِ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّ مَنْ عُرِفَ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلُ إذَا أَوْرَدَهُ عَلَى وَجْهٍ يَحْتَمِلُ السَّمَاعَ وَغَيْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُوهِمْ ذَلِكَ قُبِلَ.

وَقَالَ: وَأَمَّا مَنْ قَالَ فِي الْإِجَازَةِ وَالْمُنَاوَلَةِ: حَدَّثَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْإِجَازَةِ قُبِلَ، وَمَنْ لَا يُجَوِّزُهُ لَمْ يَقْبَلْهُ لِإِيهَامِ إرَادَةِ مَا يُجَوَّزُ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُوَ لَا يُجَوِّزُهُ.

[تَنْبِيهٌ شَرْطُ صِحَّةِ تَحَمُّلِ الرِّوَايَةِ]

[فَصْلٌ فِي رِوَايَةُ الْأَعْمَى]

تَنْبِيهٌ [شَرْطُ صِحَّةِ تَحَمُّلِ الرِّوَايَةِ] هَذِهِ الشُّرُوطُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ حَالَةَ الْأَدَاءِ لَا حَالَةَ التَّحَمُّلِ. وَلِهَذَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَا تَحَمَّلَهُ فِي حَالِ صَبَاهُ وَكُفْرِهِ وَفِسْقِهِ، وَأَدَّاهُ فِي حَالَةِ الْكَمَالِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَشَرْطُ صِحَّةِ التَّحَمُّلِ وُجُودُ التَّمْيِيزِ فَقَطْ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، قَالَا: فَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَصِحَّ تَحَمُّلُهُ، قَالَا: وَعَلَى مُتَحَمِّلِ السُّنَّةِ أَنْ يَرْوِيَهَا إذَا سُئِلَ عَنْهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ رِوَايَتُهَا إذَا لَمْ يُسْأَلْ عَنْهَا، إلَّا أَنْ يَجِدَ النَّاسَ عَلَى خِلَافِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>