للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ؟ فَقَرَأَ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: ٦٣] الْآيَةَ.

وَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيّ، وَأَبُو الْفَرَجِ إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ أَوْلَى، وَقَالُوا: إنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَنُقِلَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ: إنْ كَانَ الرَّاوِي ضَابِطًا عَالِمًا قُدِّمَ خَبَرُهُ، وَإِلَّا كَانَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رَدِّ الْخَبَرِ إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ لَا أَرَى ثُبُوتَهُ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ يَعِمَنْ: لَا خِلَافَ فِي الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ. وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ يُطْلَبُ التَّرْجِيحُ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَارَةُ الْقِيَاسِ أَقْوَى، وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَيْهَا، وَإِلَّا فَالْعَكْسُ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي إفَادَةِ الظَّنِّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ: لَمْ أَجِدْ مَنْ سَوَّى بَيْنَ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَظْنُونٌ مِنْ وَجْهٍ، وَلَوْ صَارَ إلَيْهِ صَائِرٌ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. قُلْت: وَقَدْ صَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي فِيمَا نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ. قَالَ إلْكِيَا: لَكِنَّ الْجُمْهُورَ قَدَّمُوا خَبَرَ الضَّابِطِ عَلَى الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ عُرْضَةُ الزَّلَلِ، وَالْوَجْهُ التَّعَلُّقُ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ تَرْكُ الرَّأْيِ لِلْخَبَرِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ دِيَةِ الْأَصَابِعِ لِلْحَدِيثِ. . . أَبُو بَكْرٍ حُكْمًا حَكَمَهُ بِرَأْيِهِ لِحَدِيثٍ سَمِعَهُ مِنْ بِلَالٍ، وَمِنْ هَذَا قَدَّمْنَا رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمُصَرَّاةِ وَالْعَرَايَا عَلَى الْقِيَاسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>