للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: تُجْزِئُكَ، وَلَمْ تُجْزِئْ لِأَحَدٍ بَعْدَك» ، فَلَوْ رَوَى أَنَّهُ قَالَ: يُجْزِئُك، لَفُهِمَ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ. اهـ.

وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ اخْتِصَارِهِ بِشَرْطِ الِاسْتِقْلَالِ، وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ فِي صِفَةِ الْحَجِّ، سَاقَهُ جَابِرٌ سِيَاقًا وَاحِدًا عِنْدَ خُرُوجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى أَنْ دَخَلَهَا. ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد عَلَى هَذَا السِّيَاقِ، وَجَزَّأَهُ مَالِكٌ، وَالْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَلَى الْأَبْوَابِ. وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ: هُوَ عِنْدِي جَائِزٌ، إذَا كَانَ مُفِيدًا وَمُكْتَفِيًا بِنَفْسِهِ وَغَيْرَ مُحْتَاجٍ فِي فَهْمِهِ إلَى مَا قَبْلَهُ، أَوْ كَانَ لَيْسَ يُوجِبُ صِدْقَ مَا حُذِفَ مِنْهُ، تَرَدَّدَ الْمَفْهُومُ عَنْهُ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَسَوَاءٌ جَوَّزْنَا الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى أَوْ لَا، وَاسْتَحْسَنَهُ الْعَبْدَرِيّ. أَمَّا إذَا كَانَ تَرْكُ بَعْضِهِ يَتَضَمَّنُ تَرْكَ بَيَانِ مَا أَوَّلَهُ، وَيُوهِمُ مِنْهُ شَيْئًا يَزُولُ بِذِكْرِ الزِّيَادَةِ لَمْ يَجُزْ حَذْفُهَا، مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ: نَقَلَ بَعْضُ النَّقَلَةِ عَنْ «ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ يَسْتَنْجِي، فَرَمَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: إنَّهَا رِكْسٌ» . وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَمَى الرَّوْثَةَ، ثُمَّ قَالَ: ابْغِ لَنَا ثَالِثًا، وَالسُّكُوتُ عَنْ ذِكْرِ الثَّالِثِ لَيْسَ يُخِلُّ بِذِكْرِ رَمْيِ الرَّوْثَةِ وَبَيَانِ أَنَّهَا رِكْسٌ، لَكِنْ يُوهِمُ النَّقْلُ كَذَلِكَ جَوَازُ الِاسْتِنْجَاءِ بِحَجَرَيْنِ، وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>