للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَالْغَزَالِيُّ. قَالُوا: الْمُنَاوَلَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا، وَلَا فِيهَا مَزِيدُ تَأْكِيدٍ، وَإِنَّمَا هِيَ زِيَادَةُ تَكَلُّفٍ أَحْدَثَهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ: نَاوَلَنِي فُلَانٌ كَذَا وَأَخْبَرَنِي، وَحَدَّثَنِي مُنَاوَلَةً بِالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَهُ الْهِنْدِيُّ. فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: حَدَّثَنِي، أَوْ أَخْبَرَنِي، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِنُطْقِ الشَّيْخِ بِذَلِكَ، وَهُوَ كَذِبٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ، كَمَا فِيمَا إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ، هُوَ سَاكِتٌ، بَلْ أَوْلَى.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَجَرَّدَ عَنْ الْإِجَازَةِ بِأَنْ يَقُولَ: خُذْ هَذَا الْكِتَابَ، أَوْ نَاوَلَهُ بِالْفِعْلِ، وَلَا يَقُولُ: ارْوِهِ عَنِّي، فَلَا تَجُوزُ لَهُ الرِّوَايَةُ بِالِاتِّفَاقِ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُنَاوِلَهُ الْكِتَابَ، وَيَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ: هَذَا سَمَاعِي مِنْ فُلَانٍ، وَلَا يَقُولُ: ارْوِهِ عَنِّي. فَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ: لَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ صَحَّحُوهَا. قُلْت: وَجَوَّزَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الرِّوَايَةَ بِهَا. قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَكَلَامُ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ صَرِيحٌ فِيهِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَلِّطُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَ، ثُمَّ تَشَكَّكَ فِيهِ، وَمَعَهُ لَا تَجُوزُ لَهُ الرِّوَايَةُ، فَلَا يُرْوَى عَنْهُ، هَذَا كُلُّهُ إذَا صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ الْكِتَابَ، فَلَوْ قَالَ: حَدِّثْ عَنِّي، أَوْ ارْوِ عَنِّي مَا فِي الْكِتَابِ، وَلَمْ يَقُلْ: إنَّنِي قَدْ سَمِعْته، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ، كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرِّوَايَةِ السَّمَاعُ، أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ فِيهِ.

قَالَ الْهِنْدِيُّ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلشَّيْخِ التَّصْرِيحُ بِالسَّمَاعِ إذَا عَلِمَ أَنَّ النُّسْخَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>