للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَحْتَجُّ بِهِ، تَابِعِيًّا كَانَ أَوْ مَنْ دُونَهُ وَكُلُّ مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا عَنْ ثِقَةٍ فَتَدْلِيسُهُ وَمُرْسَلُهُ مَقْبُولٌ. اهـ.

قُلْت: وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ نَعْلَمْ هَلْ يَأْخُذُ عَنْ ثِقَةٍ أَوْ لَا؟ تَوَقَّفْنَا فِيهِ، وَلَا نَقْبَلُهُ لِلْجَهْلِ بِحَالِ شَيْخِهِ. فَمَرَاسِيلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عِنْدَهُمْ صِحَاحٌ، وَقَالُوا: مَرَاسِيلُ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، لَا يُحْتَجُّ بِهَا؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا يَأْخُذَانِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَكَذَا مَرَاسِيلُ أَبِي قِلَابَةَ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ. هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ إرْسَالَ الْحَدِيثِ الَّذِي لَيْسَ بِتَدْلِيسٍ هُوَ رِوَايَةُ الرَّاوِي عَمَّنْ لَمْ يُعَاصِرْهُ، أَوْ لَمْ يَلْقَهُ، كَرِوَايَةِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ التَّابِعِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِمَثَابَتِهِ فِي غَيْرِ التَّابِعِينَ، كَمَالِكٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَكَذَا حُكْمُ مَنْ أَرْسَلَ حَدِيثًا عَنْ شَيْخٍ لَقِيَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مِنْهُ، وَسَمِعَ مَا عَدَاهُ. ثُمَّ قِيلَ: هُوَ مَقْبُولٌ، إذَا كَانَ الْمُرْسِلُ ثِقَةً عَدْلًا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ مِنْ نُقَّادِ الْأَثَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>