للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَلْحَقَ بِهِ الْمَازِرِيُّ مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ: «نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ» ، وَقَوْلُهُ: «نَادَى مُنَادٍ بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَ فِيهَا لُحُومُ الْحُمُرِ» ؛ لِأَنَّ الْمُنَادِيَ إذَا لَمْ يُسَمَّ صَارَ كَكِتَابٍ أُضِيفَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يُسَمِّ حَامِلَهُ وَنَاقِلَهُ، وَلَكِنْ عَلِمَ الْمُحَدِّثُ عَيْنَ النِّدَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَتَّى يُعْلَمَ ضَرُورَةً أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ، فَنُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ سَمَاعِ الْأَمْرِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ ": كُلُّ كِتَابٍ لَمْ يُذْكَرْ حَامِلُهُ فَهُوَ مُرْسَلٌ، وَالشَّافِعِيِّ لَا يَرَى التَّعَلُّقَ بِالْمُرْسَلِ.

وَكَذَلِكَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمِثْلُهُ مَا يَقَعُ فِي الْأَسَانِيدِ أَنَّ فُلَانًا كَتَبَ إلَيَّ، فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ لِجَهَالَةِ الْوَاسِطَةِ كَالْمُرْسَلِ، لَكِنْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَرْبَابِ النَّقْلِ وَغَيْرُهُمْ جَوَازُ الرِّوَايَةِ لِأَحَادِيثِ الْكِتَابَةِ، وَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِهَا، فَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمُسْنَدِ، وَذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ صِحَّتِهَا عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ لَهَا وَوُثُوقِهِ بِأَنَّهَا عَنْ كَاتِبِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>