للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُبَدَّعُ مُخَالِفُهُ. وَخَالَفَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ وَالْآمِدِيَّ، فَقَالَا: إنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ، وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُعْتَبَرُونَ فَحُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ، وَبَيْنَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ كَالسُّكُوتِيِّ، وَمَا نَدْرِي مَخَالِفَهُ، فَحُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ.

وَقَالَ الْبَزْدَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: الْإِجْمَاعُ مَرَاتِبُ: فَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ مِثْلُ الْكِتَابِ وَالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ، وَإِجْمَاعُ مَنْ بَعْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْهُورِ مِنْ الْأَحَادِيثِ. وَالْإِجْمَاعُ الَّذِي سَبَقَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْعَصْرِ السَّالِفِ بِمَنْزِلَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ فِي الْكُلِّ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ لَا الْعِلْمَ، فَصَارَتْ الْمَذَاهِبُ أَرْبَعَةً: يُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ. لَا يُوجِبُهُمَا. يُوجِبُ الْعِلْمَ حَيْثُ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ قَطْعًا. يُوجِبُ الْعِلْمَ فِي إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ. وَقَدْ أَوْرَدَ صَاحِبُ التَّقْوِيمِ " أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ يَقَعُ عَنْ أَمَارَةٍ، فَكَيْفَ يُوجِبُ الْعِلْمَ إجْمَاعٌ تَفَرَّعَ عَنْ الظَّنِّ؟ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِذَلِكَ اتِّصَالُهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَقَدْ ثَبَتَ عِصْمَتُهُمْ مِنْ الْخَطَأِ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الِاتِّصَالِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقْرِيرِهِ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا أَنَّ الْإِجْمَاعَ مِنْ الْأُصُولِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا عَلَى الْقَوَاطِعِ الَّتِي هِيَ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَاطِعًا؛ لِاسْتِحَالَةِ رَفْعِ الْقَاطِعِ بِمَا لَيْسَ بِقَاطِعٍ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي تَعْلِيقِهِ، وَالْبَنْدَنِيجِيّ فِي الذَّخِيرَةِ " قَوْلَيْنِ فِي أَنَّ لَفْظَ الْإِجْمَاعِ هَلْ يُطْلَقُ عَلَى الْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ، أَوْ لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى الْقَطْعِيِّ؟ وَصَرَّحَا بِأَنَّهُ خِلَافٌ فِي الْعِبَارَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>