للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ لِلْمُجْمِعِينَ تَرْكُ دَلِيلِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ اشْتِهَارِ الْإِجْمَاعِ] الثَّانِي: قَالَ أَيْضًا: يَجُوزُ لِلْمُجْمِعِينَ تَرْكُ الدَّلِيلِ بَعْدَ اشْتِهَارِ الْمَسْأَلَةِ، وَانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ، وَرُبَّمَا كَانَ أَصْلُهُ ظَاهِرًا مُحْتَمِلًا أَوْ قِيَاسَ شَبَهٍ عَرَفَ الْعَصْرُ الْأَوَّلُ حِكْمَةَ الْمُشَاهَدَةِ عَلَى نَفْيِ الشَّبَهِ فَتَرَكُوا الدَّلِيلَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكَرُّهِ التَّأْوِيلِ، وَيَقْتَصِرُونَ عَلَى إظْهَارِ الْحُكْمِ، لِيَكُونَ أَمْنَعَ مِنْ الْخِلَافِ، وَأَقْطَعَ لِلنِّزَاعِ.

[إذَا احْتَمَلَ إجْمَاعُهُمْ أَنْ يَكُونَ عَنْ قِيَاسٍ أَوْ تَوْقِيفٍ فَعَلَى أَيِّهِمَا يُحْمَلُ؟] الثَّالِثُ: إذَا احْتَمَلَ [أَنْ يَكُونَ] إجْمَاعُهُمْ عَنْ قِيَاسٍ لِإِمْكَانِهِ فِي الْحَادِثَةِ، أَوْ عَنْ دَلِيلٍ، فَهَلْ الْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ صَادِرًا عَنْ الْقِيَاسِ أَوْ عَنْ التَّوْقِيفِ؟ لَا أَعْلَمُ فِيهِ كَلَامًا لَلْأُصُولِيِّينَ. وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا فِي الْفُرُوعِ فِيهِ وَجْهَانِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ قَتَلَ الْحَمَامَ بِمَكَّةَ: إنَّ فِيهَا شَاةً؛ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي بِنَاءِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ إيجَابَهَا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّبَهِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَأْلَفُ الْبُيُوتَ. وَيَأْنَسُ بِالنَّاسِ، وَأَصَحُّهُمَا أَنَّ مُسْتَنَدَهُ تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ فِيهِ. قُلْت: لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِمْ أَنَّهُمْ أَخَذُوهُ تَوْقِيفًا مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ بِكَوْنِهِ اسْتِنْبَاطًا، وَعَلَى هَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ " فَقَالَ: أَمَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، فَذَكَرُوا أَنَّهُ حِكَايَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالُوا: وَأَمَّا مَا لَمْ يَحْكُوهُ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونُوا قَالُوهُ حِكَايَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاحْتُمِلَ غَيْرُهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حِكَايَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَى إلَّا مَسْمُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>