للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعْتَبَرُ فِي انْقِرَاضِ الْعَصْرِ] قَالَ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي انْقِرَاضِ الْعَصْرِ مَوْتُ جَمِيعِ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ، وَقَدْ تَتَدَاخَلُ الْأَعْصَارُ. وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ فِي انْقِرَاضِهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى الْعَصْرِ الثَّانِي غَيْرُ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَنْقَضِيَ فِيهِمْ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى عَاشَا إلَى عَصْرِ التَّابِعِينَ، وَتَطَاوَلَا إلَى أَنْ جَمَعَا بَيْنَ عَصْرَيْنِ، فَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى بَقَاءِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ. قَالَ: ثُمَّ إذَا كَانَ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ شَرْطًا فِي اسْتِقْرَارِ الْإِجْمَاعِ، فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إتْلَافٌ وَاسْتِهْلَاكٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ. قَالَ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الْإِجْمَاعِ انْعِقَادًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِانْقِرَاضَ شَرْطٌ فِي اسْتِقْرَارِ الْإِجْمَاعِ قَطْعًا، وَهَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِهِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. رَابِعُهَا: أَنْ لَا يَلْحَقَ بِالْعَصْرِ الْأَوَّلِ مَنْ يُنَازِعُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي، فَإِنْ لَحِقَ بِعَصْرِ الصَّحَابَةِ بَعْضُ التَّابِعِينَ، فَخَالَفَ فِي إجْمَاعِهِمْ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَفَصَّلَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ حَالَةَ حُدُوثِ الْوَاقِعَةِ فَيُعْتَبَرُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>