للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّسَالَةِ "، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، أَنَّ الِاجْتِهَادَ غَيْرُ الْقِيَاسِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَفْتَقِرُ إلَى الِاجْتِهَادِ وَهُوَ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ، وَلَيْسَ الِاجْتِهَادُ يَفْتَقِرُ إلَى الْقِيَاسِ، وَلِأَنَّ الِاجْتِهَادَ يَكُونُ بِالنَّظَرِ فِي الْعُمُومَاتِ وَسَائِرِ طُرُقِ الْأَدِلَّةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقِيَاسٍ.

مَسْأَلَةٌ [مَا وُضِعَ لَهُ الْقِيَاسُ]

اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِيمَا وُضِعَ لَهُ اسْمُ " الْقِيَاسِ " عَلَى قَوْلَيْنِ: " أَحَدُهُمَا " أَنَّهُ اسْتِدْلَالُ الْمُجْتَهِدِ وَفِكْرُهُ الْمُسْتَنْبَطُ، " وَالثَّانِي " أَنَّهُ الْمَعْنَى الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ فِي أَصْلِ الشَّيْءِ وَفَرْعِهِ. قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَمَنْ فَرَّ مِنْهُ فَإِنَّمَا فَرَّ لِشُبْهَةٍ تَعُودُ إلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، لِأَنَّهُ قَبْلَ الْقِيَاسِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ، فَإِنْ كَانَ أَصْلًا فَقَدْ وَجَبَ وُجُودُهُ فِي كُلِّ مَا يُسَمَّى بِهِ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْإِلْحَاقِ، وَإِنْ كَانَ فَرْعًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى غَيْرِهِ، وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ يُسْتَنْبَطُ بِهِ. ثُمَّ الْكَلَامُ فِي أَصْلِهِ كَالْكَلَامِ فِيهِ لِنَفْسِهِ. وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَسْتَشْكِلُ عَلَى الْقَائِلِ الْأَوَّلِ بِأَنْ يُقَالَ: الْمُجْتَهِدُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِالنَّظَرِ وَالْإِلْحَاقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ الطَّلَبُ عِنْدَ نُزُولِ الْحَادِثَةِ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا ثُمَّ يَعُودُ مَا سَبَقَ. وَمَهْمَا كَانَ جَوَابُهُ فَهُوَ جَوَابُنَا.

مَسْأَلَةٌ [الَّذِي يُثْبِتُهُ الْقِيَاسُ]

وَاخْتَلَفُوا كَمَا قَالَهُ الْمُقْتَرِحُ فِي الَّذِي أَثْبَتَهُ الْقِيَاسُ، هَلْ هُوَ حُكْمٌ وَاحِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>