للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ

حَرَّرَ الْهِنْدِيُّ مَوْضِعَ الْخِلَافِ فَقَالَ: إذَا عَلِمْنَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ مُعَلَّلٌ بِكَذَا، أَوْ عَلِمْنَا حُصُولَ الْوَصْفِ مَعَ جَمِيعِ مَا يُعْتَبَرُ فِي إفْضَائِهِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ عَلِمْنَا حُصُولَ مِثْلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْقِيَاسِ مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ بَلْ الْكُلُّ أَطْبَقُوا عَلَى حُجِّيَّتِهِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ هَاتَانِ الْمُقَدِّمَتَانِ ظَنِّيَّتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا ظَنِّيَّةً، كَانَ حُصُولُ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ ظَنًّا لَا مَحَالَةَ. وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَالْخَبَرَ بِالنَّتِيجَةِ، بَلْ إنْ كَانَ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ.

وَأَمَّا فِي الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ أَنَّ هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي التَّفْصِيلَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَتَا ظَنِّيَّتَيْنِ فَكَذَلِكَ، أَوْ إحْدَاهُمَا ظَنِّيَّةً وَالْأُخْرَى قَطْعِيَّةً، فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا عَلَى مَعْنَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى قَطْعِيَّةً، أَعْنِي كَوْنَ الْحُكْمِ مُعَلَّلًا بِكَذَا، وَالثَّانِيَةُ، أَعْنِي تَحْقِيقَهَا فِي صُورَةِ النِّزَاعِ ظَنِّيَّةٌ، فَهَذَا مَحَلُّ وِفَاقٍ. أَمَّا إذَا كَانَتْ هِيَ ظَنِّيَّةً سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ قَطْعِيَّةً أَوْ ظَنِّيَّةً فَإِنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَقْتَضِي أَنَّ الْكُلَّ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ.

الثَّانِي: أَفْرَطَ فِي الْقِيَاسِ فِرْقَتَانِ: الْمُنْكِرُ لَهُ، وَالْمُسْتَرْسِلُ فِيهِ، كَغُلَاةِ أَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>