للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ نُفَاةُ الْقِيَاسِ، فَاقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِ النَّصِّ وَأَبَاحَ مَا عَدَاهُ، فَأَبَاحَ التَّضْحِيَةَ بِالْعَمْيَاءِ وَالْقَطْعَاءِ، وَأَثْبَتَ بَعْضُهُمْ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بِالتَّنْبِيهِ دُونَ النَّصِّ.

وَالثَّالِثُ: مَا عُرِفَ مَعْنَاهُ مِنْ ظَاهِرِ النَّصِّ بِاسْتِدْلَالٍ ظَاهِرٍ، كَقِيَاسِ الْأَمَةِ عَلَى الْعَبْدِ فِي السِّرَايَةِ، وَقِيَاسِ الْعَبْدِ عَلَيْهَا فِي تَنْصِيفِ حَدِّ الْقَذْفِ، وَقِيَاسِ النِّكَاحِ عَلَى الْبَيْعِ فِي تَحْرِيمِهِ عِنْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِهِ. وَفِي جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ، وَهَذِهِ الضُّرُوبُ الثَّلَاثَةُ يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ بِهَا الْإِجْمَاعُ وَيُنْقَضُ بِهَا حُكْمُ مَنْ خَالَفَهَا مِنْ الْحُكَّامِ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ نَحْوَ مَا سَبَقَ: قَدْ عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ فِي تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْوُجُوهِ قِيَاسًا، وَحَكَى فِي " الرِّسَالَةِ الْجَدِيدَةِ " أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَمْنَعُ أَنْ يُسَمَّى هَذَا قِيَاسًا لِأَنَّ الْقِيَاسَ مَا اُحْتُمِلَ فِيهِ شَبَهٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ، فَنَقِيسُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَيَقُولُ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَا عَدَا النَّصَّ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَانَ مَعْنَاهُ فَهُوَ قِيَاسٌ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا حَكَاهُ فِيهَا أَنَّ مَا فُهِمَ مِنْ الْمَعْنَى فَهُوَ نَصٌّ وَلَا أَنَّهُ مَفْهُومُ مَعْنَى الِاسْمِ انْتَهَى.

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي هَذَا الْقَسْمِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْحُكْمِ؟ قُلْنَا: سَبَقَ فِي بَحْثِ الْمَفْهُومِ لَهُ فَوَائِدُ: مِنْهَا أَنَّا لَوْ قَدَّرْنَا فِي فَرْعٍ مِنْ الْفُرُوعِ وُجُودَ نَصٍّ يُشْعِرُ بِنَقِيضِ الْحُكْمِ فَهَلْ يَتَعَارَضَانِ أَوْ يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ؟ فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ اللَّفْظِ قَالَ: فَيَتَعَارَضَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>