للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْلَى، وَهُوَ دَمُ حُرْمَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ لَا نُسُكٍ. وَدَمُ فَوَاتِ الْحَجِّ كَدَمِ التَّمَتُّعِ فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ دَمَ الْمُتَمَتِّعِ إنَّمَا وَجَبَ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالنُّسُكُ الْمَتْرُوكُ فِي صُورَةِ الْفَوَاتِ أَعْظَمُ. وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَفْهُومِ الْأَوْلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ.

الْقِيَاسُ فِي الْأَحْدَاثِ:

قَالَ فِي " الْبُرْهَانِ " لَا يَجْرِي فِي الطَّهَارَاتِ وَالْأَحْدَاثِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِنَا عَلَى ضَبْطِ أَهْلِهَا. قَالَ الْقَاضِي: وَكَمَا لَا تَثْبُتُ الْأَحْدَاثُ بِالْقِيَاسِ لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ أَيْضًا فِي الْأَحْدَاثِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ كَمَا لَا يَهْتَدِي لِتَأْقِيتِ الطَّهَارَةِ لَا يَهْتَدِي لِنَفْيِ إثْبَاتِهَا، وَقَالَ فِي " الْقَوَاطِعِ ": قِيلَ: إنَّهُ لَا مَجَالَ لِلْقِيَاسِ فِي الْأَحْدَاثِ وَتَفَاصِيلِهَا وَالْوُضُوءِ وَتَفَاصِيلِهِ بَلْ يَتْبَعُ مَحْضَ النَّصِّ وَقِيلَ: إنَّ الْوُضُوءَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، فَإِنَّهُ مُشْعِرٌ بِالتَّنْظِيفِ وَالتَّنْقِيَةِ، وَقِيلَ: الصَّلَاةُ يُعْقَلُ فِيهَا الْخُشُوعُ وَالِاسْتِكَانَةُ، قُلْت: وَمِنْ فُرُوعِهِ لَوْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِدُبُرِ غَيْرِهِ. قَالَ الْإِمَامُ فِي " النِّهَايَةِ " لَا يَنْتَقِضُ، وَفِي الشَّامِلِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِضَ، لِأَنَّهُ مَسَّهُ بِالْآلَةِ الَّتِي تَمَسُّ بِهَا هَذَا الْمَحَلَّ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَقْيَسُ لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ لَا تُثْبِتُ قِيَاسًا وَلَمْ يَرِدْ إلَّا فِي الْيَدِ كَمَا أَنَّا لَمْ نُعَدِّهِ إلَّا فِي الْأَمْرَدِ، وَإِنْ وُجِدَ الْمَعْنَى، قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَقَالُوا: أَصْلُهَا مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَهُوَ الثِّقَةُ وَحُصُولُ الظَّنِّ وَالْغَفْلَةُ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسْوَةِ لِمَا غَلَبَ عَلَيْهِنَّ مِنْ الذُّهُولِ وَالْغَفْلَةِ، وَأَمَّا أَصْلُ عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ فَمَعْقُولُ الْمَعْنَى إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَ فِيهَا أَنْوَاعًا مِنْ التَّعَبُّدَاتِ فَلَزِمَ اتِّبَاعُهَا وَلَا يَجُوزُ تَجَاوُزُهَا وَتَعَدِّيهَا انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>