للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ

إذَا حَرُمَ الشَّيْءُ لِعِلَّةٍ فَارْتَفَعَتْ هَلْ وَجَبَ ارْتِفَاعُ الْحُكْمِ؟ قَالَ ابْنُ فُورَكٍ: الَّذِي نَذْهَبُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ وَيَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى الدَّلِيلِ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ لِلشِّدَّةِ، ثُمَّ تَحْرُمُ لِلنَّجَاسَةِ، وَكَمِلْكِ الْغَيْرِ مَعَ عَدَمِ الْإِذْنِ. ثُمَّ هِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: عِلَلٌ مُطْلِقَةٌ لِلْحُكْمِ، وَعِلَلٌ مُقَيِّدَةٌ، فَالْمُطْلِقَةُ كَقَوْلِ الْقَائِلِ عِلَّةُ الْقَتْلِ الْقَتْلُ. وَشَرْطُهَا أَنْ يَرْتَفِعَ الْحُكْمُ بِارْتِفَاعِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ قَتْلٌ إلَّا بِقَتْلٍ، وَمِنْهُ مُنَاقَضَةُ الشَّافِعِيِّ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْمَبْتُوتَةِ، لِأَنَّ اعْتِلَالَهُ وَقَعَ مُطْلِقًا بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اجْتِمَاعِ مَائِهِ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ. فَقَالَ: إذَا خَلَا بِهَا وَطَلَّقَهَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى ذَلِكَ فَأَجِزْهُ. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ: ذَلِكَ لِعِلَّةٍ أُخْرَى قُلْنَا: إنَّ الِاعْتِلَالَ وَقَعَ مُطْلِقًا، فَلِذَلِكَ كَانَ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ نَقْضًا لِمَا قَالَ. فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ عِلَّةُ قَتْلِ الْقَاتِلِ كَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَقْتُلَ غَيْرَ الْقَاتِلِ، كَمَا تَقُولُ أَدْرَكْته لِقُرْبِهِ وَارْتِفَاعِ الْمَانِعِ لَمْ يُدْرِكْهُ. قُلْنَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَلَا يَكُونُ نَقْضًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِحُكْمٍ وَاحِدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>