للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِلَّتُهُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، بَلْ يَكْفِي ذِكْرُ مُجَرَّدِ الْوَصْفِ. وَقِيلَ: إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْطُوعًا بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى تِلْكَ الْعِلَّةِ فَعَسَاهَا تُبْطِلُ هَذَا فَيَنْظُرُ فِي غَيْرِهَا. وَهَذَا بَعِيدٌ فَإِنَّ السَّبْرَ لَا يُفِيدُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ. وَمَقْصُودُنَا أَنَّ الظَّنَّ يَحْصُلُ عِنْدَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ السَّبْرِ، وَإِذَا بَطَلَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا يَعْسُرُ وُجُودُهُ وَلَا بُعْدَ عِنْدَنَا فِي تَقْدِيرِهِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ يَتَّفِقُونَ عَلَى تَعْلِيلِ الرِّبَا، وَإِذَا ثَبَتَ سُبُرًا غَيْرَ الطُّعْمِ وَالْكَيْلِ ثَبَتَ مَا بَقِيَ.

التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ:

السَّبْرُ بِالْبَحْثِ وَعَدَمِ الْعُثُورِ يَدْخُلُ فِي جَمِيعِ الْمَسَالِكِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، وَلَا خُصُوصَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ.

مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ عِلَلٌ فَفَسَدَتْ جَمِيعُهَا إلَّا وَاحِدَةً، هَلْ يَكُونُ فَسَادُهَا دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ؟ فَقِيلَ: لَا حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهَا. وَقِيلَ: نَعَمْ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ إحْدَى الْعِلَلِ صَحِيحَةً، فَإِذَا بَطَلَ مَا عَدَاهَا وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهَا ثَبَتَ أَنَّ تِلْكَ صَحِيحَةٌ، وَنَصَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.

مَسْأَلَةٌ يَلْتَحِقُ بِالسَّبْرِ قَوْلُهُمْ: حُكْمٌ حَادِثٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ حَادِثٍ، وَلَا حَادِثَ إلَّا هَذَا فَيَتَعَيَّنُ إسْنَادُهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا: الْأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ إلَّا أَنَّ فِيمَا سَبَقَ سَبْرًا فِي جَمِيعِ أَوْصَافِ الْمَحَلِّ، وَهَذَا فِي الْأَوْصَافِ الْحَادِثَةِ خَاصَّةً. وَقَدْ قِيلَ: عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ حَادِثًا أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ حَادِثًا، بَلْ قَدْ يَكُونُ الْحُكْمُ حَادِثًا

<<  <  ج: ص:  >  >>