للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت: وَهَذَا هُوَ اللَّائِقُ بِتَصَرُّفِ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَمَّا دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ بِالْإِجْمَاعِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ضَعُفَتْ دَلَالَتُهَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا أَحَادِيثُ الْمَقْضِيَّةِ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَغَيْرُهَا. وَلِذَلِكَ نَقُولُ: دَلَالَةُ {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] عَلَى تَحْرِيمِ الْجَمْعِ مُطْلَقًا فِي النِّكَاحِ وَالْمِلْكُ أَوْلَى مِنْ دَلَالَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بِالْيَمِينِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَا سِيقَتْ لِبَيَانِ حُكْمِ الْجَمْعِ. .

مَسْأَلَةٌ إذَا عَارَضَ قِيَاسٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ نَصِّ كِتَابٍ مَا فِي حَدِيثِ آحَادٍ، فَقِيلَ: إنْ سَمَّيْنَاهُ قِيَاسًا رَجَّحْنَا عَلَيْهِ الْخَبَرَ، لِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ مَقْطُوعٌ بِهِ، قَالَ فِي الْمَنْخُولِ ": وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ قِيَاسًا يَرْجِعُ لِلَّقَبِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ كَالْمَنْصُوصِ، وَأَخْبَارُ الْآحَادِ تُقَدَّمُ عَلَى قِيَاسِ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ الْقُرْآنِ. .

مَسْأَلَةٌ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: كُلُّ مُتَعَارِضَيْنِ لَا يَخْرُجَانِ عَنْ وَجْهٍ مِنْ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ: (أَحَدُهَا) : أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا فِي الْأَصْلِ حُكْمٌ مَعْلُومٌ، كَالْوَاقِعِ بِابْتِدَاءِ الشَّرْعِ، مِثْلُ الْإِحْدَاثِ فِي الْوُضُوءِ، فَيَتْرُكُ اعْتِقَادَ الْأَمْرِ بِأَحَدِهِمَا وَالنَّهْيَ عَنْ الْآخَرِ، لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَيَّهُمَا الْأَوْلَى، وَيُصَارُ إلَى مَا عَضَّدَهُ الدَّلِيلُ أَوْ رَجَّحَهُ بِقِيَاسٍ أَوْ حِفْظٍ أَوْ كَثْرَةِ عَدَدٍ. .

وَ (ثَانِيهَا) : أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَجِبُ إبَاحَتُهُ أَوْ حَظْرُهُ فَأَيُّ الْخَبَرَيْنِ جَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>