للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ مُمْكِنٍ إنَّمَا الْمُمْكِنُ تَحْصِيلُ الظَّنِّ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: الْوُجُوبُ عَلَى الْكُلِّ مَعْلُومٌ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْعِلْمِ، وَلَيْسَ مِنْهُ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُمْكِنُ إلَى حُصُولِ الْعِلْمِ، ثُمَّ نَقُولُ: إنَّمَا لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِعَدَمِ فِعْلِ الْغَيْرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّ غَيْرَهَا يَقُومُ بِذَلِكَ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: سَقَطَ أَيْ فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَاضِي فَيُمْكِنُ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ.

[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ سُقُوطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِفِعْلِ الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً]

(الْمَسْأَلَةُ) الْخَامِسَةُ (سُقُوطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِفِعْلِ الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً) إذَا أَتَى بِهِ دَفْعَةً جَمِيعُ مَنْ خُوطِبَ بِهِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُمْ، وَحَصَلَ ثَوَابُهُ لَهُمْ، وَيَقَعُ فِعْلُ كُلٍّ فَرْضًا، إذْ لَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِوَصْفِهِ بِالْقِيَامِ بِالْفَرْضِ مِنْ الْبَعْضِ، فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِالْفَرْضِيَّةِ لِلْجَمِيعِ. حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ عَنْ الْأَئِمَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ كَإِيصَالِ الْمُتَوَضِّئِ الْمَاءَ إلَى جَمِيعِ رَأْسِهِ دَفْعَةً، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْجَمِيعَ فَرْضٌ، أَوْ الْفَرْضَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فَقَطْ؟ وَلَكِنْ قَدْ يُخَيَّلُ لِلْفَطِنِ فَرْقٌ وَيَقُولُ: مَرْتَبَةُ الْفَرْضِيَّةِ فَوْقَ رُتْبَةِ السُّنَّةِ وَكُلُّ مُصَلٍّ فِي الْجَمْعِ الْكَبِيرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُحْرَمَ رُتْبَةَ الْفَرْضِيَّةِ، وَقَدْ قَامَ بِمَا أُمِرَ بِهِ، وَهَذَا لَطِيفٌ لَا يَصِحُّ مِثْلُهُ فِي الْمَسْحِ، وَمِنْ هُنَا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا بَاشَرَهُ أَكْثَرُ مَنْ يَحْصُلُ بِهِ تَأَدِّي الْفَرْضِ، هَلْ يُوصَفُ فِعْلُ الْجَمِيعِ بِالْفَرْضِيَّةِ؟ قَالَ: وَنَحْنُ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ الْكِفَايَةُ بِغَيْرِهِ أَرَدْنَا بِهِ يُسْتَحَبُّ الشُّرُوعُ وَالِابْتِدَاءُ، وَلَمْ نُرِدْ بِهِ أَنَّهُ يَقَعُ مُسْتَحَبًّا فِي حَقِّهِ إذَا شَرَعَ فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>