للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي " السُّنَنِ " لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ: مَنْ أَخَذَ بِنَوَادِرِ الْعُلَمَاءِ خَرَجَ عَنْ الْإِسْلَامِ. وَعَنْهُ: يُتْرَكُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ مَكَّةَ الْمُتْعَةُ وَالصَّرْفُ، وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ السَّمَاعُ وَإِتْيَانُ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ الشَّامِ الْحَرْبُ وَالطَّاعَةُ، وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ النَّبِيذُ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ يَقُولُ: سَمِعْت ابْنَ سُرَيْجٍ يَقُولُ: سَمِعْت إسْمَاعِيلَ الْقَاضِيَ قَالَ: دَخَلْت عَلَى الْمُعْتَضِدِ فَدَفَعَ إلَيَّ كِتَابًا نَظَرْت فِيهِ وَقَدْ جَمَعَ فِيهِ الرُّخَصَ مِنْ زَلَلِ الْعُلَمَاءِ وَمَا احْتَجَّ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمْ، فَقُلْت: مُصَنِّفُ هَذَا زِنْدِيقٌ، فَقَالَ: لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ؟ قُلْت: الْأَحَادِيثُ عَلَى مَا رَوَيْت وَلَكِنْ مَنْ أَبَاحَ الْمُسْكِرَ لَمْ يُبِحْ الْمُتْعَةَ، وَمَنْ أَبَاحَ الْمُتْعَةَ لَمْ يُبِحْ الْمُسْكِرَ، وَمَا مِنْ عَالِمٍ إلَّا وَلَهُ زَلَّةٌ، وَمَنْ جَمَعَ زَلَلَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ أَخَذَ بِهَا ذَهَبَ دِينُهُ، فَأَمَرَ الْمُعْتَضِدُ بِإِحْرَاقِ ذَلِكَ الْكِتَابِ. وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ - مَثَلًا - أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْخَطِّ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ الَّذِي يَرَى الْعَمَلَ بِهِ؟ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي (كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ) .

قَالُوا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ، وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ إذَا وَثِقَ بِهِ وَقَلَّدَ الْمُخَالِفَ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ قَبُولَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى مَا لَا يَعْتَقِدُهُ كَالشَّافِعِيِّ يَشْهَدُ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ، وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْحَنَفِيَّ إذَا حَكَمَ لِلشَّافِعِيِّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الْحِلُّ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشْكِلُ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي (كِتَابِ الصَّلَاةِ) أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ لَا الْمَأْمُومِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>