للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّسْبِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ النِّسْبِيَّةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى النِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْوُجُوبُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَرْكِ الْحَرَامِ، وَالْحَرَامُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى النِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ فَتَرْجَحُ الْإِبَاحَةُ، وَقَدْ رُدَّ مَذْهَبُ الْكَعْبِيِّ أَيْضًا بِاسْتِلْزَامِ كَوْنِ الْمَنْدُوبِ وَاجِبًا، إذْ يُتْرَكُ بِهِ الْحَرَامُ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَقْسَامِ مَعَ نَقَائِضِهَا، وَلَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ؛ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ انْتِقَالٍ عَنْ تَحْرِيمٍ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ أَوْ نَوْمٍ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا، وَهُوَ خَرْقُ الْإِجْمَاعِ، وَيَلْزَمُ فِيمَا إذَا اشْتَغَلَ عَنْ الْقَتْلِ بِالزِّنَى أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا، فَيَجْمَعُ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَهُوَ مُحَالٌ؛ وَلِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، فَمَنْ سُبِقَ بِالْإِجْمَاعِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُبَاحُ أَحَدُ أَضْدَادِ الْمُحَرَّمِ، وَالتَّلَبُّسُ بِأَحَدِهَا وَاجِبٌ، وَيَتَعَيَّنُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ، فَيَصِحُّ وَصْفُهُ بِالْوُجُوبِ، كَالْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَهُوَ قَوِيُّ الْإِشْكَالِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ الْوَاصِفِينَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ التَّخْيِيرِ بِالْوُجُوبِ، لَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: الْوَاجِبُ الْمُسَمَّى فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَصْفُ أَحَدِ الْمُبَاحَاتِ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْوُجُوبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>