للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَامٌّ فَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ.

وَفِي " الِاسْتِذْكَارِ " لِلدَّارِمِيِّ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ: إذَا دَخَلَ فِي عَمَلِ تَطَوُّعٍ، ثُمَّ نَوَاهُ وَاجِبًا فَحَكَى أَبُو حَامِدٍ أَنَّ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ: يَجِبُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَجِبُ. وَهَلْ يَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ؟ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ وَجَبَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِسْقَاءِ فِي الْجَدْبِ تَجِبُ طَاعَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالْعِتْقِ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ إذَا أَمَرَهُمْ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ وَجَبَ امْتِثَالُ أَمْرِهِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ، فَهُوَ يُشْبِهُ أَمْرَهُ بِالصَّدَقَةِ، وَذَكَرُوا فِي السِّيَرِ: أَنَّ الْإِمَامَ يَأْمُرُهُمْ بِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. قَالَ فِي " الرَّوْضَةِ ": قُلْت: الصَّحِيحُ وُجُوبُ الْأَمْرِ، وَإِنْ قُلْنَا: صَلَاةُ الْعِيدِ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالطَّاعَةِ لَا سِيَّمَا مَا كَانَ شِعَارًا ظَاهِرًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَنْدُوبِ آكَدَ مِنْ بَعْضٍ، وَلِهَذَا يَقُولُونَ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْوَاجِبِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ تَفَاصِيلُ الْأُجُورِ وَالثَّوَابِ، وَإِنْ تَسَاوَتْ فِي التَّرْكِ. وَقَسَّمَ الْفُقَهَاءُ السُّنَنَ إلَى أَبْعَاضٍ وَهَيْئَاتٍ فَخَصُّوا مَا تَأَكَّدَ أَمْرُهُ بِاسْمِ الْبَعْضِ كَأَنَّهُ لِتَأَكُّدِهِ صَارَ كَالْجُزْءِ، وَهُوَ اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>