للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُصَدِّقُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطْلُبُ مِنْهُ الزَّكَاةَ امْتَنَعَ، وَقَالَ: (مَا هَذِهِ إلَّا وَالْجِزْيَةُ سَوَاءٌ) ، فَرَجَعَ الْمُصَدِّقُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة: ٧٥] {فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [التوبة: ٧٦] {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} [التوبة: ٧٧] .

قَالَ: فَهَذَا الَّذِي نَبْغِي أَنْ يُمَثِّلَ بِهَا التَّكْلِيفُ، بِخِلَافِ الْمَعْلُومِ مَعَ انْكِشَافِ الْعَاقِبَةِ لِثُبُوتِهَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ.

قَالَ: وَقَدْ عَلِمْت اخْتِلَافَ الْأُصُولِيِّينَ هَلْ يَسْتَمِرُّ التَّكْلِيفُ مَعَ كَشْفِ الْعَاقِبَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْإِيمَانَ مِنْ جِنْسِ الْمُمْكِنِ أَوْ لَا يَسْتَمِرُّ نَظَرًا إلَى مَا يَخْلُصُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ؟ أَوْ نَقُولُ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ: إنَّ اللَّهَ كَلَّفَ هَؤُلَاءِ بِالْإِيمَانِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَمْ يُكَلِّفْهُمْ الْإِيمَانَ بِعَدَمِ الْإِيمَانِ، وَهُوَ مُخْلِصٌ ضَعِيفٌ، فَإِنَّهُ إذَا كَلَّفَهُمْ عَلَى الْعُمُومِ أَنْ يُصَدِّقُوا بِكُلِّ خَبَرٍ، وَمِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْعُمُومِ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ لَا يَصْدُقُونَ عَادَ الْإِشْكَالُ.

وَالتَّحْقِيقُ: الْتِزَامُ رَفْعِ التَّكْلِيفِ عَنْ هَؤُلَاءِ وَيَقْدِرُ أَحَدُهُمْ عِنْدَ إخْبَارِ اللَّهِ عَنْهُ بِأَنْ يُؤْمِنَ أَبَدًا فِي عَدَدِ الْأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَئِسَ مِنْهُمْ، وَانْقَطَعَ التَّكْلِيفُ فِي حَقِّهِمْ، نِقْمَةً عَلَيْهِمْ لَا رَحْمَةً بِهِمْ. اهـ.

وَهُوَ قَوْلٌ عَجِيبٌ، وَأَقْرَبُ مِنْهُ مَا سَبَقَ عَنْ الْأُسْتَاذِ وَالْجُوَيْنِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَقَوْلُهُ: إنَّهَا نَزَلَتْ فِي ثَعْلَبَةَ قَدْ أَنْكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>