للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِبَارَةِ الْإِمَامِ فِي " الْمَحْصُولِ " أَنَّ الْخِلَافَ لَا يَطْرُقُ الْمُرْتَدُّ، وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ.

وَلِهَذَا نَقَلَ الْأَصْحَابُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الرِّدَّةَ تُسْقِطُ الْأَعْمَالَ السَّابِقَةَ وَتَمْنَعُ الْوُجُوبَ فِي الْحَالِ. وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَقْضِي صَلَاةَ أَيَّامِ رِدَّتِهِ، وَعِنْدَنَا تَلْزَمُهُ.

وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ ": يُمْكِنُ بِنَا الْخِلَافُ فِي إحْبَاطِ الرِّدَّةِ الْأَعْمَالُ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قِيلَ: لَوْ سَاوَى الْمُرْتَدُّ الْأَصْلِيُّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاءُ أَيَّامِ رِدَّتِهِ.

قُلْت: إنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمُرْتَدِّ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ لَا يَسْقُطُ بِخِلَافِ الْأَصْلِيِّ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي الزَّكَاةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: يَجِبُ، وَالثَّانِي مَوْقُوفٌ. قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَهُوَ نَظِيرُ الصَّلَاةِ، لِأَنَّهُ كَمَا إذَا أَسْلَمَ يُزَكِّي فَكَذَا إذَا أَسْلَمَ يُصَلِّي.

وَالسَّادِسُ: أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمَا عَدَا الْجِهَادَ، أَمَّا الْجِهَادُ فَلَا، لِامْتِنَاعِ قِتَالِهِمْ أَنْفُسِهِمْ، حَكَاهُ الْقَرَافِيُّ. قَالَ: وَلَا أَعْرِفُ أَيْنَ وَجَدْته.

قُلْت: صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " النِّهَايَةِ فَقَالَ: وَالذِّمِّيُّ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِقِتَالِ الْكُفَّارِ، وَكَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي " كِتَابِ السِّيَرِ ": الذِّمِّيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ. وَلِهَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ عَلَى الْجِهَادِ لَا يَبْلُغُ بِهِ سَهْمُ رَاجِلٍ عَلَى أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ، كَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ. نَعَمْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى الْجِهَادِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ فَرْضٍ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ كَمَا لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ.

السَّابِعُ: الْوَقْفُ. حَكَاهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي تَقْرِيبِهِ " عَنْ بَعْضِ الْأَشْعَرِيَّةِ، وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>