للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: ذَكَرَهَا اللَّهُ جَرْيًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذِكْرِ النَّسِيبِ فِي أَوَائِلِ الْخُطَبِ وَالْقَصَائِدِ، وَلِهَذَا اُخْتُصَّتْ بِالْأَوَائِلِ. وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّازِيَّ تَرْجَمَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَحْصُولِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِشَيْءٍ، وَلَا يَعْنِي بِهِ شَيْئًا، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّكَلُّمِ بِمَا لَا يُفِيدُ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَعْنِيَ بِهِ شَيْئًا، وَهُوَ يُفِيدُ فِي نَفْسِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفِيدَ وَلَا يَعْنِي بِهِ شَيْئًا، فَمَحَلُّ النِّزَاعِ غَيْرُ مُنَقَّحٍ، لِأَنَّ فِي كَلَامِ الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ وَأَبِي الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " نَصْبَ الْخِلَافَ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ بِشَيْءٍ وَلَا يَعْنِي بِهِ شَيْئًا؟ وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: وَالْحَقُّ أَرْجُو أَنَّ الْكَلَامَ بِمَا لَا يَعْنِي بِهِ مُفَرَّعٌ عَلَى التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، ثُمَّ قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَيَسْهُلُ الْمَنْعُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ أَمَّا عَلَى رَأْيِ الْأَشَاعِرَةِ، فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ لَهُمْ الْمَنْعُ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ التَّحْسِينُ وَالتَّقْبِيحُ الْعَقْلِيَّيْنِ؟

قُلْت: لَا جَرَمَ جَزَمَ ابْنُ بَرْهَانٍ بِالْجَوَازِ، فَقَالَ: يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَشْتَمِلَ كَلَامُ اللَّهِ عَلَى مَا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، ثُمَّ تَمَسَّكَ بِأَسْمَاءِ السُّوَرِ.

قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّا لَا نَفْهَمُ مَعَانِيَهَا، وَقَدْ تُعُبِّدْنَا بِهَا، وَخَرَجَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَمِلَ كَلَامُ اللَّهِ عَلَى مَا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ أَمْ لَا؟ وَهَذَا خِلَافُ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَعْنِي بِهِ شَيْئًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا مَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَرْتَفِعُ التَّخْلِيطُ مِنْ كَلَامِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>