للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَلْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مَسْمُوعًا أَوْ لَا؟ . وَيَتَعَلَّقُ بِالْوَضْعِ مَبَاحِثُ:

أَحَدُهَا فِي شُرُوطِهِ: وَهِيَ ثَلَاثَةٌ:

أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَبْتَدِئَهُ بِمَا يُخَالِفُهُ.

ثَانِيهَا: أَنْ لَا يَخْتِمَهُ بِمَا يُخَالِفُهُ.

ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ صَادِرًا عَنْ قَصْدٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِكَلَامِ السَّاهِي وَالنَّائِمِ وَعَلَى السَّامِعِ التَّنَبُّهُ لِهَذِهِ الشُّرُوطِ. وَقَدْ حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي " فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلَّقْتُك، ثُمَّ قَالَ: سَبَقَ لِسَانِي، وَإِنَّمَا أَرَدْت طَلَبْتُك، أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ظَنَّتْ صِدْقَهُ بِأَمَارَةٍ فَلَهَا أَنْ تَقْبَلَ قَوْلَهُ وَلَا تُخَاصِمُهُ، وَأَنَّهُ مَنْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ إذَا عُرِفَ الْحَالُ يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ، وَلَا يُشْهَدُ عَلَيْهِ.

قَالَ الرُّويَانِيُّ وَهَذَا هُوَ الِاخْتِيَارُ.

الثَّانِي فِي سَبَبِهِ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ النَّوْعَ الْإِنْسَانِيَّ وَصَيَّرَهُ مُحْتَاجًا إلَى أُمُورٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِهَا، بَلْ يَفْتَقِرُ إلَى الْمُعَاوَنَةِ عَلَيْهَا، وَلَا بُدَّ لِلْمُعَاوِنِ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ، وَذَلِكَ إمَّا بِاللَّفْظِ أَوْ الْإِشَارَةِ أَوْ الْمِثَالِ، وَاللَّفْظُ أَيْسَرُ لِمَا سَيَأْتِي. فَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى الْوَضْعِ لِأَجْلِ الْإِفْهَامِ بِالْمُخَاطَبَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلَّمَا اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ أَنَّهُ يُوضَعُ لَهُ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ مُخِلًّا بِمَقْصُودِ الْوَضْعِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَمَا لَا تَشْتَدُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ جَازَ فِيهِ الْأَمْرَانِ يَعْنِي الْوَضْعَ وَعَدَمَ الْوَضْعِ، أَمَّا عَدَمُ الْوَضْعِ، فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَأَمَّا الْوَضْعُ فَلِلْفَوَائِدِ الْحَاصِلَةِ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>