للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى زَيْدٍ. نَعَمْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: مَوْضُوعَةٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ مُفْرَدَاتِهَا الَّتِي لَا تُسْتَفَادُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ، وَلِأَنَّ لِلَّفْظِ الْمُرَكَّبِ أَجْزَاءً مَادِّيَّةً وَجُزْءًا صُورِيًّا، وَهُوَ التَّأْلِيفُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ لِمَعْنَاهُ أَجْزَاءٌ مَادِّيَّةٌ وَجُزْءٌ صُورِيٌّ، وَالْأَجْزَاءُ الْمَادِّيَّةُ مِنْ اللَّفْظِ تَدُلُّ عَلَى الْأَجْزَاءِ الْمَادِّيَّةِ مِنْ الْمَعْنَى، وَالْجُزْءُ الصُّورِيُّ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى الْجُزْءِ الصُّورِيِّ مِنْ الْمَعْنَى بِالْوَضْعِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فَوُضِعَتْ " زَيْدٌ قَائِمٌ " لِلْإِسْنَادِ دُونَ التَّقْوِيَةِ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَلَا تَنَافِي بَيْنَ وَضْعِهَا مُفْرَدَةً لِلْإِسْنَادِ بِدُونِ التَّقْوِيَةِ وَوَضْعِهَا مُرَكَّبَةً لِلتَّقْوِيَةِ، وَلِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ، فَالْمُضَافُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَمُؤَخَّرٌ عَنْهَا فِي بَعْضٍ، وَلَوْ كَانَتْ عَقْلِيَّةً لِفَهْمِ الْمَعْنَى وَاحِدًا سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْمُضَافُ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَ، وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ حَيْثُ قَالَ: أَقْسَامُهَا: مُفْرَدٌ وَمُرَكَّبٌ.

قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَزَاهُ غَيْرُهُ لِلْجُمْهُورِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا حُجِرَتْ فِي التَّرَاكِيبِ كَمَا حُجِرَتْ فِي الْمُفْرَدَاتِ، فَقُلْت: إنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ قَائِمٌ زَيْدًا لَيْسَ مِنْ كَلَامِنَا، وَمَنْ قَالَ: إنَّ زَيْدًا قَائِمٌ فَهُوَ مِنْ كَلَامِنَا، وَمَنْ قَالَ: فِي الدَّارِ رَجُلٌ فَهُوَ مِنْ كَلَامِنَا، وَمَنْ قَالَ: رَجُلٌ فِي الدَّارِ فَلَيْسَ مِنْ كَلَامِنَا إلَخْ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فِي تَرَاكِيبِ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَعَرُّضِهَا بِالْوَضْعِ لِلْمُرَكَّبَاتِ. وَالْحَقُّ: أَنَّ الْعَرَبَ إنَّمَا وَضَعَتْ أَنْوَاعَ الْمُرَكَّبَاتِ، أَمَّا جُزْئِيَّاتُ الْأَنْوَاعِ فَلَا، فَوَضَعَتْ بَابَ الْفَاعِلِ لِإِسْنَادِ كُلِّ فِعْلٍ إلَى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ، أَمَّا الْفَاعِلُ الْمَخْصُوصُ فَلَا، وَكَذَلِكَ بَابُ إنَّ وَأَخَوَاتِهَا أَمَّا اسْمُهَا الْمَخْصُوصُ فَلَا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَنْوَاعِ التَّرْكِيبِ، وَأَحَالَتْ الْمُعَيَّنَ عَلَى اخْتِيَارِ الْمُتَكَلِّمِ، فَإِنْ أَرَادَ الْقَائِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>