للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهَانِ [التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ] قَدْ تُعْلَمُ اللُّغَةُ بِالْقَرَائِنِ

قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي الْخَصَائِصِ " مَنْ قَالَ: إنَّ اللُّغَةَ لَا تُعْرَفُ إلَّا نَقْلًا فَقَدْ أَخْطَأَ، فَإِنَّهَا قَدْ تُعْلَمُ بِالْقَرَائِنِ أَيْضًا، فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا سَمِعَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

قَوْمٌ إذَا الشَّرُّ أَبَدًا نَاجِذَيْهِ لَهُمْ ... طَارُوا إلَيْهِ زَرَافَاتٍ وَوُحْدَانًا

يُعْلَمُ أَنَّ الزَّرَافَاتِ بِمَعْنَى الْجَمَاعَاتِ.

[التَّنْبِيهُ الثَّانِي]

قَالَ عَبْدُ اللَّطِيفِ الْبَغْدَادِيُّ فِي " شَرْحِ الْخُطَبِ النَّبَاتِيَّةِ ": اعْلَمْ أَنَّ اللُّغَوِيَّ شَأْنُهُ أَنْ يَنْقُلَ مَا نَطَقَتْ بِهِ الْعَرَبُ وَلَا يَتَعَدَّاهُ، وَأَمَّا النَّحْوِيُّ فَشَأْنُهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا يَنْقُلُهُ اللُّغَوِيُّ وَيَقِيسُ عَلَيْهِ، وَمِثَالُهُمَا الْمُحَدِّثُ وَالْفَقِيهُ، فَشَأْنُ الْمُحَدِّثِ نَقْلُ الْحَدِيثِ بِرُمَّتِهِ، ثُمَّ إنَّ الْفَقِيهَ يَتَلَقَّاهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ وَيَبْسُطُ عِلَلَهُ وَيَقِيسُ عَلَيْهِ الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ.

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي: يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقِيسَ مَنْثُورَنَا عَلَى مَنْثُورِهِمْ وَشِعْرَنَا عَلَى شِعْرِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>