للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الرَّجُلَ مُرَكَّبٌ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ التَّعْرِيفِ وَالْمُعَرَّفِ، وَهُوَ مِنْ جِهَةِ النُّطْقِ لَفْظَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَلِمَتَانِ، وَكَذَلِكَ " ضَرَبَا " وَ " ضَرَبُوا "، قَالَ الزَّنْجَانِيّ فِي الْهَادِي: وَهَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ الرَّجُلَ وَنَظَائِرَهُ لَفْظَتَانِ لَا لَفْظَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ يُنْتَقَضُ مَا ذَكَرَهُ بِنَحْوِ " ضَرَبَ "، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ الْحَدَثِ وَالزَّمَانِ، وَأَنَّهُ كَلِمَةٌ بِاتِّفَاقٍ.

قُلْت: لَعَلَّ الزَّمَخْشَرِيَّ بَنَاهُ أَنَّ الْمُعَرِّفَ اللَّامُ وَحْدَهَا، وَحِينَئِذٍ فَهِيَ لَفْظَةٌ وَاحِدَةٌ، وَاللَّامُ كَالتَّنْوِينِ فِي زَيْدٍ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْمُعَرِّفَ " أَلْ " فَهُوَ لَفْظَتَانِ لِإِمْكَانِ التَّلَفُّظِ بِهَا وَحْدَهَا.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ أَمْثِلَةَ الْمُضَارِعِ خَلَا الْغَائِبَ مُرَكَّبَاتٌ قَطْعًا، وَأَمْثِلَةُ الْمَاضِي مُفْرَدَاتٌ قَطْعًا، وَأَمْثِلَةُ الْأَوَامِرِ مُرَكَّبَاتٌ عِنْدَ الْمَنْطِقِيِّينَ وَصَرَّحَ ابْنُ مَالِكٍ فِي أَوَّلِ شَرْح التَّسْهِيلِ بِأَنَّ " يَاءَ " النَّسَبِ، وَ " أَلِفَ " ضَارِبٍ " وَمِيمَ " مُكْرَمٍ، يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى، وَلَكِنْ لَا بِالْوَضْعِ وَقَالَ ابْنُ السَّاعَاتِيِّ: الْمَجْمُوعُ هُوَ الدَّالُّ عَلَى شَخْصٍ مُسَمًّى بِذَلِكَ، لَا أَنَّ الْحَرْفَ دَلَّ بِنَفْسِهِ. وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ أَنَّ النُّحَاةَ يَتَرَجَّحُ نَظَرُهُمْ فِي جَانِبِ الْأَلْفَاظِ، وَأُولَئِكَ يَتَرَجَّحُ نَظَرُهُمْ فِي جَانِبِ الْمَعَانِي، وَعَلَى هَذَا " عَبْدُ اللَّهِ " وَنَحْوُهُ، إنْ أُرِيدَ بِهِ الْعَلَمِيَّةُ كَانَ مُفْرَدًا بِمَثَابَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، لِأَنَّ جُزْأَهَا لَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهَا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ نِسْبَةُ الْعُبُودِيَّةِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا، فَهِيَ مُرَكَّبَةٌ، لِدَلَالَةِ جُزْئِهَا عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>