للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ الْمُشْتَرَكُ لَهُ مَفْهُومَانِ فَصَاعِدًا]

الْمُشْتَرَكُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَفْهُومَيْنِ فَصَاعِدًا فَمَفْهُومَاهُ إمَّا أَنْ يَتَبَايَنَا، أَيْ: لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الصِّدْقِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ كَالْقُرْءِ لِلطُّهْرِ وَالْحَيْضِ وَسَوَاءٌ تَبَايَنَا بِالتَّضَادِّ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ وَضْعَهُ لِلضِّدَّيْنِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَوَاصَلَا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا جُزْءًا لِلْآخَرِ أَوْ لَازِمًا لَهُ وَالْأَوَّلُ كَالْإِمْكَانِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَالثَّانِي كَالْكَلَامِ، فَإِنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّفْسَانِيِّ وَاللِّسَانِيِّ مَعَ أَنَّ اللِّسَانِيَّ دَلِيلٌ عَلَى النَّفْسَانِيِّ، وَالدَّلِيلُ يَسْتَلْزِمُ مَدْلُولَهُ.

[مَسْأَلَةٌ تَجَرُّدُ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْقَرِينَةِ]

الْمُشْتَرَكُ إمَّا أَنْ يَتَجَرَّدَ عَنْ الْقَرِينَةِ فَمُجْمَلٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُرَجِّحِ إنْ مَنَعْنَا حَمْلَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ، وَكَذَا إنْ قُرِنَ بِهِ مَا يُوجِبُ اعْتِبَارَ الْكُلِّ وَكَانَتْ مَعَانِيهِ مُتَنَافِيَةً فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَنَافِيَةً، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْقَرِينَةِ وَبَيْنَ الدَّلَالَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ إعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَفْهُومَاتِهِ، فَيُصَارُ إلَى التَّرْجِيحِ وَهُوَ خَطَأٌ، لِأَنَّ الدَّلَالَةَ الْمَانِعَةَ قَاطِعَةٌ لَا تَحْتَمِلُ الْمُعَارَضَةَ، وَلَئِنْ قُلْت: فَلَا مُعَارَضَةَ هُنَا، فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِمَا. قَالَهُ الْإِمَامُ فِي " الْمَحْصُولِ " مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ الْمُشْتَرَكُ فِي مَعْنَيَيْهِ، وَقَدْ يُمَثَّلُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} [النساء: ٤٣] فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ إرَادَةَ نَفْسِ الصَّلَاةِ وَمَوَاضِعِهَا، وَقَوْلُهُ: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] قَرِينَةٌ لِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ: {إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣] قَرِينَةٌ لِإِرَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>