للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ: فِي تَحْقِيقِ الْمُرَادِ بِالِاسْمِ الشَّرْعِيِّ، وَهِيَ اللَّفْظَةُ الَّتِي اُسْتُفِيدَ وَضْعُهَا لِلْمَعْنَى مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، كَذَا قَالَهُ فِي " الْمَحْصُولِ " وَسَبَقَهُ إلَيْهِ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ ". وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ: مَا كَانَ مَعْنَاهُ ثَابِتًا بِالشَّرْعِ، وَالِاسْمُ مَوْضُوعٌ لَهُ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: هُوَ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ الشَّرْعِ وَاللَّفْظِ مِنْ اللُّغَةِ، وَمَرَّةً يُسْتَفَادُ الْمَعْنَى مِنْ وَضْعِ اللُّغَةِ وَاللَّفْظِ فِي الشَّرْعِ، وَالْكُلُّ أَسَامِي شَرْعِيَّةٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا فِي الشَّرْعِ، وَقِيلَ الِاسْمُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فِي الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَارَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ وَالْحَرْفِ الشَّرْعِيَّيْنِ إلَّا بِالتَّبَعِ. وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ كُلُّ مَا وَرَدَ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ مِمَّا هُوَ مُخَالِفٌ لِلْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، أَوْ سَوَاءٌ كَانَ مُوَافِقًا لِلْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ: الْأَوَّلُ، فَإِنَّ اللَّفْظَ الَّذِي أَرَادَ بِهِ الشَّارِعُ مَعْنًى يَصِحُّ إطْلَاقُ ذَلِكَ اللَّفْظِ عَلَيْهِ فِي اللُّغَةِ حَقِيقَةً لَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَى أَنْ نَقُولَ: إنَّهُ تَجَوَّزَ بِهِ عَنْ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُرَادَةِ، كَإِطْلَاقِ الصَّلَاةِ عَلَى الدُّعَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣] لَا نَقُولُ إنَّهُ مَجَازٌ بِحَسَبِ الصَّلَاةِ ذَاتِ الْأَرْكَانِ، بَلْ هُوَ الدُّعَاءُ، وَهَذَا حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ، وَإِذَا أَمْكَنَتْ فَمَا الدَّاعِي لِلْمَجَازِ الشَّرْعِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>