للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ لَمْ يُبَيِّنُوا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَلْ هُوَ فِي الْوُجُوبِ وَالِامْتِنَاعِ، أَوْ فِي الْجَوَازِ كَمَا هُوَ فِي الْمُشْتَرَكِ وَالْمُرَادِفِ؟ وَظَاهِرُ دَلِيلِ الْأُسْتَاذِ أَنَّهُ فِي الِامْتِنَاعِ لِاحْتِجَاجِهِ فَإِنَّهُ مُخِلٌّ بِالتَّفَاهُمِ، وَهَذَا يُنَاسِبُ الْمَنْعَ.

مَسْأَلَةٌ بَالَغَ ابْنُ جِنِّي فَادَّعَى أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى اللُّغَةِ الْمَجَازُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الدَّبُوسِيِّ، وَقَالَ تِلْمِيذُ ابْنِ جِنِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَتَّوَيْهِ: الْكُلُّ مَجَازٌ وَهُمَا شَاذَّانِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ جِنِّي: وَأَكْثَرُ اللُّغَةِ لِمَنْ تَأَمَّلَ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ، وَذَلِكَ عَامَّةُ الْأَفْعَالِ نَحْوَ قَامَ زَيْدٌ وَقَعَدَ عَمْرٌو، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ جَمِيعُ الْقِيَامِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ وَهُوَ جِنْسٌ، وَالْجِنْسُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ؟ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى وَضْعِ الْكُلِّ مَوْضِعَ الْبَعْضِ لِلِاتِّسَاعِ وَالْمُبَالَغَةِ وَتَشْبِيهِ الْقَلِيلِ بِالْكَثِيرِ، وَحُكِيَ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ. وَغَرَضُ ابْنِ جِنِّي مِنْ هَذَا أَنَّ اللَّهَ غَيْرُ خَالِقٍ لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ حَيْثُ قَالَ: وَكَذَلِكَ أَفْعَالُ الْقَدِيمِ نَحْوَ خَلْقِ اللَّهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَنَحْوَهُ. قَالَ: لِأَنَّهُ - تَعَالَى - لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ خَالِقًا لِأَفْعَالِنَا، وَلَوْ كَانَ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا لَكَانَ خَالِقًا لِلْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَفْعَالِنَا، وَيَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَكَذَلِكَ عِلْمُ اللَّهِ بِقِيَامِ زَيْدٍ مَجَازٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ الْحَالَةُ الَّتِي عَلِمَ عَلَيْهَا قِيَامَ عَمْرٍو، وَلَسْنَا نُثْبِتُ لَهُ تَعَالَى عِلْمًا؛ لِأَنَّهُ - تَعَالَى - عَالِمٌ بِنَفْسِهِ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>