للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: نَعَمْ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ " وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ فُورَكٍ. قَالَ: كَمَا أَنَّ لِكُلِّ فَرْعٍ أَصْلًا، وَابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ " وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ فِي " الْمُعْتَمَدِ "، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ "، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَالْإِبْيَارِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ " وَغَيْرُهُمْ، فَكُلُّ مَجَازٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهَا، وَالْفَرْعُ يَسْتَلْزِمُ الْأَصْلَ، وَلِأَنَّ الثَّانِيَ يَسْتَدْعِي أَوَّلًا. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْآمِدِيَّ وَابْنِ الْحَاجِبِ: الْمَنْعُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ السَّاعَاتِيِّ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَاخْتَارَهُ الْبَيْضَاوِيُّ فِي " الْمِرْصَادِ "؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ فَفَائِدَةُ الْوَضْعِ التَّهَيُّؤُ لِلِاسْتِعْمَالِ، وَلِأَنَّ اللَّفْظَ بَعْدَ وَضْعِهِ وَقَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ لَا حَقِيقَةٌ وَلَا مَجَازٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهِ حِينَئِذٍ غَيْرُهُ لِعَلَاقَةٍ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ مَجَازًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ. وَالْحَقُّ: أَنَّ الْمَجَازَ يَفْتَقِرُ إلَى سَبْقِ وَضْعٍ أَوَّلَ، لَا إلَى سَبْقِ حَقِيقَةٍ، وَكَذَا قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: الْحَقُّ أَنَّ الْمَجَازَ يَسْتَلْزِمُ اللَّفْظَ الْمَوْضُوعَ، بِإِزَاءِ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي، وَالْحَقِيقَةُ لَيْسَتْ اللَّفْظَ الْمَوْضُوعَ بَلْ الْمُسْتَعْمَلَ فِيمَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الرَّازِيَّ فِي مُنْتَخَبِهِ " وَأَوَّلَهُ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ بِأَنَّهُ حَيْثُ قَالَ: لَا يَسْتَلْزِمُ، أَرَادَ بِهِ الْجَوَازَ الْعَقْلِيَّ، وَحَيْثُ يُقَالُ: يَسْتَلْزِمُهُ، أَرَادَ بِهِ الْوَضْعَ، فَإِنَّا لَمْ نَعْرِفْ أَنَّ الْأَلْفَاظَ مَوْضُوعَةٌ بِإِزَاءِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ إلَّا بِالِاسْتِعْمَالِ، وَلَا نَعْرِفُ عَيْنَ الْوَاضِعِ مِنْ تَوَقُّفٍ أَوْ مُصْطَلَحٍ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُفْرَدِ لَا الْمُرَكَّبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>