للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إزَالَةُ قَيْدٍ خَاصٍّ وَهُوَ مِلْكُ الْيَمِينِ، وَهُوَ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ. فَخَرَجَ عَنْ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ وَالْمَجَازِ الرَّاجِحِ، فَيَبْطُلُ الْيَمِينُ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ. وَلَا نَدْرِي مَا يَقُولُ الْأَصْحَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا نَوَى بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْأَمَةِ إزَالَةَ مُطْلَقِ الْقَيْدِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْعِتْقِ بِخُصُوصِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: تُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إزَالَةِ الْأَعَمِّ إزَالَةُ الْأَخَصِّ. وَبَعْدُ فَلَا يَسْتَقِيمُ التَّمْثِيلُ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً أَوْ عُرْفِيَّةً فِي حِلِّ قَيْدِ النِّكَاحِ، وَهُمَا مُقَدَّمَتَانِ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ قَطْعًا.

مَسْأَلَةٌ [قِلَّةُ اسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةِ فَلَا يُفْهَمُ مَعْنَاهَا إلَّا بِقَرِينَةٍ] قَدْ يَقِلُّ اسْتِعْمَالُ الْحَقِيقَةِ فِي مَعْنَاهَا فَتَصِيرُ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَتْ لَا يُفْهَمُ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَتْ حَقِيقَةً فِيهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ، فَتُلْحَقُ بِالْمَجَازِ كَالْغَائِطِ لِلْمَكَانِ الْمُطْمَئِنِّ، فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ ثُمَّ هُجِرَ، وَيَكْثُرُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ مَجَازًا فِيهِ فَيَصِيرُ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَ فُهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ فَيُلْتَحَقُ بِالْحَقَائِقِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي مَعَانِيهَا تَابِعٌ لِاخْتِيَارِ الْوَاضِعِ وَالْمُسْتَعْمِلِ، لَا لِأَنْفُسِهَا. وَحَكَى الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ قَوْمٍ مَنَعُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ تُغَيَّرَ الْحَقِيقَةُ عَنْ دَلَالَتِهَا لَا بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِي مَجَازِهَا، وَلَا بِقِلَّتِهِ فِيهَا وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَا مَنَعُوا أَنْ يَتَغَيَّرَ الْمَجَازُ عَنْ دَلَالَتِهِ بِأَنْ يَصِيرَ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ بِلَا قَرِينَةٍ. قَالُوا:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ قَلْبَ دَلَالَةِ الِاسْمِ وَمَعْنَاهُ، وَالْأَدِلَّةُ لَا تَنْقَلِبُ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>