للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا تَرَى كَيْفَ أَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى الْمُعَوَّضِ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: بِلَوْنِ، وَنَصَبَ لَوْنَيْنِ وَهُوَ الْمُعَوِّضُ؟ وَقَالَ: تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ} [البقرة: ١٠٨] وَ {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} [سبأ: ١٦] {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: ٦١] {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [محمد: ٣٨] أَيْ: يَسْتَبْدِلْ بِكُمْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ، وَقَالَ تَعَالَى: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا} [القلم: ٣٢] فَحَذَفَ بِهَا أَيْ: بِالْجَنَّةِ الَّتِي طِيفَ بِهَا. وَقَالَ: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا} [الكهف: ٨١] أَيْ: يُبْدِلَهُمَا بِهِ. وَقَدْ حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ لِدَلَالَةِ فِعْلِ الْإِبْدَالِ عَلَى الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: ٧٠] أَيْ بِسَيِّئَاتِهِمْ. وَهَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَثِيرُ الدِّينِ فِي جُمُوعِ التَّكْسِيرِ مِنْ شَرْحِ التَّسْهِيلِ ". وَكَتَبَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ التَّبْرِيزِيُّ عَلَى الْحَاشِيَةِ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: ١١١] وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَنَّةَ عِوَضٌ لَا مُعَوَّضٌ. وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ كَلَامُ الْمُصَنَّفِينَ حَيْثُ أَدْخَلُوا الْبَاءَ عَلَى الْمَأْخُوذِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ فِعْلُ الْإِبْدَالِ لَكِنْ الْأَكْثَرُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَصَحِيحٌ عَرَبِيٌّ. قُلْت: الدَّعْوَةُ مَعَ فِعْلِ الْإِبْدَالِ، وَفِي جَرَيَانِ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى مُعَاوَضَةٍ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَطَّرِدْ فِيهِ، فَقَدْ جَاءَ {اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: ١٦] فَقَدْ دَخَلَتْ عَلَى الْمَتْرُوكِ وَجَاءَ عَكْسُهُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ} [النساء: ٧٤] وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْسُنُ رَدُّ التَّبْرِيزِيِّ بِالْآيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>