للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ إقْدَامُ الْحَاكِمِ عَلَى تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ زَوَاجًا يَسْتَحِقُّ الْفَسْخَ، فَإِنَّ نَفْسَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِفَسْخِ نِكَاحِهَا الْمُتَقَدِّمِ، يُرِيدُ أَنَّ الْحَاكِمَ زَوَّجَهَا قَبْلَ دُخُولِ الْأَوَّلِ بِهَا.

فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَاكِمِ مِلْكَ الْمِدْيَانِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ بِنَقْلِ الْمِلْكِ عَنْهُ وَخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْأَمْلَاكِ وَفَسْخَ الْعُقُودِ لَا شَكَّ أَنَّهُ حُكْمٌ، وَالثَّانِي كَسَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَسَمَاعِ الشُّهُودِ وَتَزْوِيجِ يَتِيمَةٍ تَحْتَ حَجْرِهِ أَوْ بَيْعِ سِلْعَةٍ لَهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ أَلْبَتَّةَ، بَلْ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَلًّا فِي بَعْضِ شُرُوطِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الثَّانِي فَلَهُ فَسْخُهُ.

فَرْعٌ مِنْهُ: اعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ بِفَسْخِ نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ وَشِبْهِ ذَلِكَ لِمُوجِبٍ مِنْ مُوجِبَاتِ الْفَسْخِ، وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا، وَمَثَارُ الْخِلَافِ فِيهَا اجْتِهَادِيٌّ، أَيْ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ جَلِيٌّ يَمْنَعُ مِنْ الِاجْتِهَادِ، فَإِنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ الْفَسْخَ، وَأَمَّا مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْعَوَارِضِ فَذَلِكَ الْقَاضِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَالْمُفْتِي، وَكَذَلِكَ لَوْ حَدَثَتْ قَضِيَّةٌ أُخْرَى مِثْلُ الْقَضِيَّةِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا بِالْفَسْخِ فِي وِلَايَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي، وَلَمْ تُرْفَعْ إلَيْهِ أَوْ رُفِعَتْ إلَيْهِ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِيهَا حَتَّى عُزِلَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ نَظَرٍ آخَرَ مِنْ الْقَاضِي الْأَوَّلِ، أَوْ مِنْ الْقَاضِي الثَّانِي، وَلَا يَكُونُ حُكْمُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ مُتَنَاوِلًا إلَّا لِمَا بَاشَرَهُ بِالْحُكْمِ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْجُزْئِيَّاتِ دُونَ الْكُلِّيَّاتِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَا يَنْظُرُ الْقَاضِي فِيهِ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيِّنَةٍ وَالْبَيِّنَةُ إنَّمَا تَشْهَدُ بِمَا رَأَتْهُ أَوْ شَافَهَتْهُ، وَذَلِكَ أَمْرٌ جُزْئِيٌّ هَذَا هُوَ غَالِبُ مَا تَشْهَدُ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَيَحْكُمُ الْقُضَاةُ بِهِ.

فَرْعٌ: إذَا ثَبَتَ مَا قَرَّرْنَاهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ إذَا فَسَخَ نِكَاحًا بَيْنَ زَوْجَيْنِ بِسَبَبِ أَنَّ أَحَدَهُمَا رَضَعَ أُمَّ الْآخَرِ وَهُوَ كَبِيرٌ، فَالْفَسْخُ ثَابِتٌ لَا يَنْقُضُهُ أَحَدٌ، وَلَكِنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَرُفِعَ أَمْرُهُمَا إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ وَلِيَ بَعْدَهُ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ الْفَسْخُ أَنْ يَجْتَهِدَ وَيُبِيحَهَا لَهُ إنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ رَضَاعَ الْكِبَارِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَكَذَا لَوْ رُفِعَ إلَيْهِ نَفْسِهِ وَبِغَيْرِ اجْتِهَادِهِ فَلَهُ أَنْ يُبِيحَهَا لَهُ.

فَرْعٌ: وَكَذَا مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا وَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ مَالِكِيٍّ، فَإِنَّهُ يَرَى مَعَ الْفَسْخِ تَأْبِيدَ التَّحْرِيمِ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ حُكْمَهُ لَا يَتَعَدَّى الْفَسْخَ

<<  <  ج: ص:  >  >>