للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّارِئِينَ عَلَيْهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ مِمَّنْ يَعْرِفُهُمْ السُّلْطَانُ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُجِيبَهُ لِذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى شَهَادَتِهِمْ لَا يَعْرِفُونَهُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَدِّلُهُمْ عِنْدَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، فَمِثْلُ هَذَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْظُرَ لَهُ فِيهِ وَيُحْيِيَ لَهُ حَقَّهُ وَيُشْهِدَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَذْكُرَ فِي كِتَابِ الْإِشْهَادِ أَنَّهُ لَمْ يُخَاصِمْهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَلَا قَطَعَ بِهِ حُجَّةَ أَحَدٍ يَقُومُ بِهَا عَلَيْهِ فِيهِ بَعْدَ الْيَوْمِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ تَحْقِيقِ الْحَقِّ، وَإِظْهَارِ مَا يُتَّقَى مِنْ عَوْرَةٍ فَيَنْظُرُ فِيهِ أَوْ يَكُونُ حُكْمًا قَدْ خَرَجَتْ وَثِيقَتُهُ وَأَشْفَى مِنْهَا عَلَى ذَهَابِهِ، وَلَا يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى إحْيَائِهِ إلَّا بِالسُّلْطَانِ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لَهُ فِي إحْيَائِهِ بِمَا يَرَى وَيُشْهِدُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُخَاصِمْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يَقْطَعْ بِاَلَّذِي فَعَلَ حُجَّةَ أَحَدٍ يَدَّعِي فِيهِ حَقًّا بَعْدَ الْيَوْمِ.

وَمِنْهَا: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي أَصْبَغُ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا عُزِلَ الْوَصِيُّ لِأَمْرٍ كَرِهَهُ مِنْهُ أَوْ لِعُذْرٍ رَآهُ فِيهِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بَرَاءَةً مِمَّا جَرَى عَلَى يَدَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّا زَعَمَ أَنَّهُ أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَتَاهُ عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَسْمَعُهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْيَتِيمُ مَبْلَغَ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَكِنْ إنْ أَخَذَ الْقَاضِي مِنْهُ مَالًا لِيَتِيمٍ كَانَ فِي يَدَيْهِ عِنْدَ عَزْلِهِ إيَّاهُ كَتَبَ لَهُ بَرَاءَةً مِنْهُ وَأَخَذَهُ مِنْهُ.

وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ بِدَيْنٍ مِنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ ابْتِيَاعٍ أَوْ سَلَفٍ فَلَا يُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا.

وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ دَعْوَى فَأَجَّلَهَا الْحَاكِمُ وَأَعْذَرَ إلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَهُ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُجَّةٌ وَلَا يُمَكِّنُهُ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ فِيمَا ادَّعَاهُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ ذَكَرْتهَا فِي فَصْلِ التَّعْجِيزِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ كَانَ مَعْلُومَ الْمَلَاءَةِ ظَاهِرَ الْغِنَى وَلِلنَّاسِ عَلَيْهِ دُيُونٌ ثُمَّ ادَّعَى الْفَلَسَ وَطَلَبَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى فَقْرِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْمَعُ مِنْهُ بَيِّنَةً بِالْعُدْمِ، وَإِنَّمَا يَسْمَعُ بَيِّنَتَهُ بِأَنَّهُ ذَهَبَ مَا بِيَدِهِ، وَحُكْمُهُ الضَّرْبُ وَالْحَبْسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ. وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُنَجَّمٌ أَدَّى بَعْضَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْعَجْزَ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَهَابِ مَا بِيَدِهِ، ذَكَرَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>