للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي الْغَائِبِ يَخْرُجُ فِي سَفَرِهِ فَيُخَلِّفُ عَقَارًا أَوْ مَالًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَصِيرُ بِيَدِ رَجُلٍ بِغَيْرِ خِلَافَةٍ هَلْ يَنْزِعُهُ الْقَاضِي مِنْهُ وَيُوَكِّلُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ تَرَكَهُ بِيَدِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ فَلَا يَعْرِضُ لَهُمْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتْرُكْهُ بِيَدِ أَحَدٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَخَذَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْزِعُهُ مِنْهُ وَيُوَكِّلُ لِلْغَائِبِ عَلَيْهِ، وَلَا يُمَكَّنُ أَهْلُ الْعَدَاءِ مِنْ عَدَائِهِمْ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ أَصْبَغُ وَمُطَرِّفٌ: فِي الْأَرْضِ تَكُونُ لِلْغَائِبِ بِيَدِ الرَّجُلِ بِخِلَافَةٍ أَوْ بِغَيْرِ خِلَافَةٍ، لَا أَرَى لِسُلْطَانٍ أَنْ يَتَوَثَّقَ لِلْغَائِبِ مِنْهَا إنْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ، وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا يُخَاصِمُ فِيهَا إلَّا بِوَكَالَةٍ، وَلَا يَقْبَلُهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ إنْ تَبَرَّأَ مِنْهَا إلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ شُهُودًا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ بِهَا لِمَنْ لَيْسَتْ لَهُ، فَيَكُونُ إشْهَادُ السُّلْطَانِ عَلَى إقْرَارِهِ حُجَّةً لِلْمُبْطِلِ، وَوَهْنًا لِلْمُحِقِّ، وَكَذَلِكَ وَرَثَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَا يَعْرِضُ لَهُمْ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ أَصْبَغُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُتَبَرِّي الْمُقِرُّ عَاجِزًا عَنْ وِلَايَتِهَا، فَإِنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا أَقَرَّ وَرَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ يُوَلِّيهَا الْقَاضِي مَنْ رَأَى لِلْغَائِبِ بِغَيْرِ حُكْمٍ وَلَا إشْهَادٍ مِنْهُ بِأَنَّهَا لَهُ إلَّا عَلَى حَالِ تَخْلِيَةِ هَذَا مِنْهَا، فَإِنْ جَاءَ طَالِبٌ سِوَاهُ لَمْ يُبْطِلْ عَنْهُ بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْ حُجَّتِهِ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ وَلَا يَدَّعِيهَا أَحَدٌ وَرَفَعَ إلَيْهِ الْعُدُولُ أَنَّ صَاحِبَهَا خَرَجَ عَنْهَا وَيُسَمُّونَهُ وَيَنْسُبُونَهُ، وَأَنَّهُ تَرَكَهَا هَكَذَا، وَقَدْ تَطَاوَلَ أَمْرُهَا وَخِيفَ أَنْ يَذْهَبَ حَقُّهُ فِيهَا فَلْيُوَكِّلْ عِنْدَ ذَلِكَ وَكِيلًا لِلْغَائِبِ وَيُشْهِدْ لَهُ بِهَا، وَلَوْ كَانَ إنَّمَا رَفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يَعْرِضَ لَهَا بِتَوْكِيلٍ وَلَا بِإِشْهَادٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِ الَّذِي سُمِّيَتْ لَهُ، فَيَكُونُ إيقَافُ السُّلْطَانِ ذَلِكَ لَهُ وَفِعْلُهُ إنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَبِيهًا بِالْحُكْمِ، أَوْ تَكُونَ أَرْضًا لِصَغِيرٍ لَا وَلِيَّ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهَا وَلِيًّا يَنْظُرُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا مِنْ مَالِهِ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا قَامَ مُحْتَسِبٌ لِلْغَائِبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ تَسَوَّرَ فِيهِ عَلَى الْغَائِبِ فِي دَارِهِ أَوْ عَقَارِهِ أَوْ فِي عَيْبٍ أَحْدَثَ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ ضَرَرٍ أُحْدِثَ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ فِي الْقِيَامِ فِي الْعَيْبِ وَالضَّرَرِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي حُكْمِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَالْجَارِ وَالْأَجْنَبِيِّ، وَمَنْ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَمَنْ لَا يُمَكِّنُهُ الْحَاكِمُ مِنْ الدَّعْوَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الِاخْتِلَافِ. وَانْظُرْ: لَوْ قَامَ مُحْتَسِبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>