للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجْدِيدِ التَّوْكِيلِ إذَا لَمْ يَقْصُرْهُ عَلَى مَطْلَبٍ سَمَّاهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَأَمَّا إذَا قَصَرَهُ عَلَى مَطْلَبٍ مُعَيَّنٍ وَكَانَ بَيْنَ الْمَطْلَبَيْنِ الْأَشْهُرُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ إلَّا فِيمَا وَكَّلَهُ فِيهِ، وَيُسْتَحْسَنُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُجَدِّدَ لَهُ التَّوْكِيلَ وَحِينَئِذٍ يَتَكَلَّمُ عَنْهُ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي: جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْمُوَكِّلُ إلَى الْوَكِيلِ الْإِقْرَارَ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَزَعَمَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنَّ تَحْصِيلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ قَالَ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيَّ فَهُوَ لَازِمٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ.

مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ عَزَلَ وَكِيلَهُ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِخَصْمِهِ فَأَبَى الْأَوَّلُ؛ لِمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ عَوْرَاتِهِ وَوُجُوهِ خُصُومَاتِهِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ وَيَتَوَكَّلُ لَهُ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ.

مَسْأَلَةٌ: سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْوَكِيلِ إذَا قُيِّدَتْ عَلَيْهِ مَقَالَةٌ بِإِقْرَارِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ الَّذِي وَكَّلَهُ، فَلَمَّا طُلِبَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ اسْتَظْهَرَ مُوَكِّلُهُ بِعَزْلِهِ عَزَلَهُ إيَّاهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ الْوَكِيلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، هَلْ يَسْقُطُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ مَا تَقَيَّدَ عَلَى الْوَكِيلِ لَازِمٌ لِمُوَكِّلِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَزَلَهُ قَبْلَ مُنَاشَبَةِ الْخِصَامِ عَزْلًا أَعْلَنَ بِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ فِي تَأْخِيرِ إعْلَامِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ مُنَاشَبَةِ الْخِصَامِ أَوْ قَبْلَهُ سِرًّا فَلَا يَجُوزُ عَزْلُهُ.

مَسْأَلَةٌ: وَلَيْسَ فِي التَّوْكِيلِ إعْذَارٌ وَلَا آجَالً، وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ فِيمَنْ طَلَبَ أَنْ يُعْذَرَ إلَيْهِ فِي تَوْكِيلِ خَصْمِهِ، قَالَ لَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ الْقُضَاةِ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ السَّلَاطِينِ ضَرَبَ لِأَحَدٍ أَجَلًا فِي تَوْكِيلٍ، وَإِنَّمَا السِّيرَةُ عِنْدَ الْقُضَاةِ أَنْ يَثْبُتَ التَّوْكِيلُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ يُسْمَعُ مِنْ الطَّالِبِ وَيُنْظَرُ فِيمَا جَاءَ بِهِ، فَأَمَّا إذَا دَعَا إلَى أَنْ يُؤَجِّلَ فِي الْمَدْفَعِ أَجَلَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوَهَا.

وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي وَثَائِقِهِ: وَالْإِعْذَارُ إلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ تَمَامِ الْوَكَالَةِ، فَإِنْ لَمْ يُعْذِرْ إلَيْهِ جَازَ، قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ: كَانَ الْإِعْذَارُ مِنْ الشَّأْنِ الْقَدِيمِ، ثُمَّ تُرِكَ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْقَاضِي: وَإِنَّمَا تَرَكَ الْإِعْذَارَ مَنْ تَرَكَهُ فِي الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُعْذِرَ إلَيْهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ الْحُكْمَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْأَمْرِ، فَاسْتَغْنَى عَنْهُ أَوَّلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>