للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ بِأَنَّ الْفَتْوَى مَضَتْ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ يَلْزَمُهُ الْجَوَابُ ابْتِدَاءً قَبْلَ إثْبَاتِ الْمُدَّعِي الْمِلْكَ لِمُوَرِّثِهِ، هَلْ صَارَ إلَيْهِ بِسَبَبِهِ أَوْ بِسَبَبِ مُوَرِّثِهِ الَّذِي أَثْبَتَ مَوْتَهُ، وَوِرَاثَتُهُ إيَّاهُ بَعِيدٌ لَا يَصِحُّ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٍ عَمَّا وَقَعَ فِي شَهَادَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ الْمَطْلُوبُ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى يُثْبِتَ الطَّالِبُ دَعْوَاهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، إذْ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُوقَفَ قَبْلَ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ.

مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى عَبْدٍ مَا يُوجِبُ قِصَاصًا فَيَلْزَمُهُ الْجَوَابُ فَإِنْ كَانَ مَا يُوجِبُ الْأَرْشَ فَيُطْلَبُ الْجَوَابُ مِنْ السَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَ مَا يُوجِبُ الْمَالَ فَيُطْلَبُ الْجَوَابُ مِنْ الْعَبْدِ، فَإِنْ أَقَرَّ وَكَانَ مَأْذُونًا فَهُوَ كَالْحُرِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا وُقِفَ إقْرَارُهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَيَرُدُّهُ أَوْ يُلْزِمُهُ إيَّاهُ مِنْ الْمَذْهَبِ.

مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ سِيَرِ الْحُكَّامِ أَنْ يُجْبِرُوا الْخَصْمَ عَلَى الْجَوَابِ فِيمَا وَقَفَهُ خَصْمُهُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْوَثَائِقِ الْقَلِيلَةِ الْمَعَانِي وَالْفُصُولِ حَاشَا وَثَائِقِ الِاسْتِرْعَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْجَوَابِ فِي ذَلِكَ، يَعْنِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فِي الْأَحْكَامِ لَهُ مِنْ مُفِيدِ الْحُكَّامِ.

الثَّانِي: مِنْ أَقْسَامِ الْجَوَابِ: الْإِنْكَارُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِنْكَارِ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ مَا أَظُنُّ لَهُ عِنْدِي شَيْئًا.

وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ وَإِذَا وَقَفَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ عَلَى حَقٍّ لَهُ قِبَلَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَطْلُوبِ أَنْ يَقُولَ لِخَصْمِهِ لَا حَقَّ لَك قِبَلِي، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ بِأَصْلِ الْمُبَايَعَةِ أَوْ السَّلَفِ أَوْ الْمُعَامَلَةِ أَوْ يُنْكِرَ، وَمَعْنَى ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ الطَّالِبَ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْحَقَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ، فَإِنْ قَالَ مِنْ سَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ ضَمَانٍ، أُلْزِمَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُجِيبَهُ بِإِنْكَارِ ذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوْ يُقِرَّ بِهِ وَلَا يَكْفِي مِنْهُ أَنْ يَقُولَ لِلطَّالِبِ: لَا حَقَّ لَك قِبَلِي. وَفِي الْمُذْهَبِ لِابْنِ رَاشِدٍ: وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدِي، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَقْنَعُ مِنْهُ بِذَلِكَ.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ. يَقْنَعُ مِنْهُ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>