للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ شَاهِدٌ بِذَلِكَ لَا مُقِرٌّ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ: قَدْ يَقْدُمُ صَاحِبُكُمْ فَيَأْخُذُونِي بِحَقِّهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُيَسَّرٍ مَنْ أَقَرَّ بِقَتْلِ رَجُلٍ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّوْرِيثِ وَتَزْوِيجِ زَوْجَتِهِ وَإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ حُقُوقًا وَكَشَفَهُ عَنْ بَعْضِهَا وَسَأَلَهُ الْجَوَابَ عَمَّيْ كَشَفَهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ الْمَطْلُوبُ: اجْمَعْ مَطَالِبَك كُلَّهَا حَتَّى أُجِيبَك لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ حُقُوقِهِ مَا شَاءَ وَيَتْرُكَ مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا قَالَ لَهُ هَلْ لَك فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ شَيْءٌ غَيْرُ الِابْتِيَاعِ الَّذِي قُمْت بِهِ عَلَيَّ، فَقَالَ لَهُ خَصْمُهُ جَاوِبْنِي عَنْ الِابْتِيَاعِ أَوَّلًا، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ لَهُ لَيْسَ لِي دَعْوًى غَيْرُ الِابْتِيَاعِ، وَحِينَئِذٍ يُلْزِمُ الْمَطْلُوبَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ. قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَهَذَا خِلَافُ مَا حَكَاهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوَارِيثَ لَا يُحَاطُ بِهَا فَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْهَا، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوَارِيثِ لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ حَتَّى يَجْمَعَ الْمُدَّعِي دَعَاوِيَهُ كُلَّهَا.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ ادَّعَى بِسِتِّينَ دِينَارًا فَأَقَرَّ خَصْمُهُ بِخَمْسِينَ وَأَبَى فِي الْعَشَرَةِ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ بِالْحَبْسِ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالتَّمَادِي عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، قَالَ مُحَمَّدٌ: لِأَنَّ كُلَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ لَا يَدْفَعُ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدُورُ فِي يَدِهِ لَا يُقِرُّ وَلَا يُنْكِرُ، فَإِذَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ فَتَمَادَى حُكِمَ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بِلَا يَمِينٍ.

مَسْأَلَةٌ: لَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ: تَقَدَّمَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ الطَّالِبِ مُخَالَطَةٌ، فَمِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَدَّعِي هَذَا؟ لَزِمَ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ ذَلِكَ الطَّالِبَ، فَإِنْ بَيَّنَ وَجْهَ طَلَبِهِ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَطْلُوبَ وَأُلْزِمَ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، وَإِنْ أَبَى الطَّالِبُ أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبَ دَعْوَاهُ وَادَّعَى نِسْيَانَهُ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَأَلْزَمَ الْمَطْلُوبَ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ: الْقِيَاسُ عِنْدِي أَنْ لَا يُوقَفَ الْمَطْلُوبُ حَتَّى يَحْلِفَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ مَا يَدَّعِيهِ، إذْ لَعَلَّهُ بِذِكْرِ السَّبَبِ يَجِدُ مَخْرَجًا، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدَّعِيَ نِسْيَانًا لَمْ يَسْأَلْ الْمَطْلُوبَ عَنْ شَيْءٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>