للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُكَلِّفُ الزَّوْجَ إثْبَاتَ عَدَمِهِ، وَبَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ عِنْدَهُ الزَّوْجِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ فَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُهُ حَلَّفَهُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا شُهِدَ لَهُ بِهِ مِنْ الْعَدَمِ ثُمَّ يُؤَجِّلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ لَهُ فِي إثْبَاتِ الْعَدَمِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ: وَإِنَّمَا حَدَّدْنَا التَّأْجِيلَ فِي هَذَا بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِاتِّفَاقِ الْقُضَاةِ بِقُرْطُبَةَ وَغَيْرِهَا وَاسْتِحْسَانِهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ، وَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَإِذَا سَأَلَ الْغَرِيمُ الْحَاكِمَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِالدَّيْنِ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ وَيُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْمَالِ أَخَّرَهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْقُضَاةُ الْيَوْمَ يُؤَخِّرُونَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ مِنْ حَالِ الْغَرِيمِ مِنْ لَدَدٍ وَغَيْرِهِ، وَوَقَعَ فِي فُتْيَا بَعْضِ الشُّيُوخِ فِيمَنْ سَأَلَ التَّأْخِيرَ حَتَّى يَجْمَعَ الْمَالَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْقَاضِي تَأْخِيرٌ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَالْأَعْدَاءُ، فَإِنْ أَبَى الطَّالِبُ أَنْ يُؤَخَّرَ فَالْحَبْسُ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ وَقَالَ هَذَا خِلَافُ نُصُوصِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ بِمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ فِي أَحْكَامِ حَبْسِ الْغَرِيمِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ الْكِتَابِ.

وَالْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الْقَرِيبَةِ مَا بَيْنَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ إلَى الْجُمُعَةِ، وَيُؤَجَّلُ الْمَطْلُوبُ إذَا قَالَ أَمْهِلْنِي لِأَنْظُرَ فِي حِسَابِي وَأُحَقِّقَ مَا أُجِيبُ بِهِ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُمْهِلُهُ الْحَاكِمُ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ لِزَمَانِ الْمُهْلَةِ، فَقَدْ يَطُولُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ يَقْصُرُ وَيُؤَجَّلُ الْمُسْتَمْهِلُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْيَمِينِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ، وَالْأَجَلُ فِي الدَّارِ الَّتِي يُرِيدُ الْقَاضِي اعْتِقَالَهَا وَإِيقَافَهَا فَيَسْأَلُهُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ أَنْ يُمْهِلَهُ حَتَّى يُخْرِجَ مِنْهَا مَتَاعَهُ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْأَجَلُ لِمَنْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ لِيَنْظُرَ هَلْ يَأْخُذُ الْحِصَّةَ الْمُسْتَشْفَعَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ لَا يُؤَجَّلُ، وَكَذَا تَأْجِيلُهُ لِتَحْصِيلِ الثَّمَنِ، وَأَجَلُ مَنْ يَتَلَوَّمُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ فَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ أَوْ يُطَلِّقَ، رُوِيَ شَهْرٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ بِالْمَرْأَةِ، وَرُوِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: شَهْرَانِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهَا مِنْ الْخِلَافِ غَيْرُ هَذَا.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَجَلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّجَاءِ لَهُ، وَأَمَّا الْأَجَلُ فِي حَقِّ الزَّنَادِقَةِ إذَا ادَّعَوْا مَدْفَعًا فِيمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِمْ فَمَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الشُّيُوخِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَفَاضَتْ عَنْهُ الْأُمُورُ الْمُوجِبَةُ لِلْقِيَامِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>