للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمْرَةِ لَسَأَلَ مَالِكٌ عَنْهُمْ، هَلْ فُوِّضَ إلَيْهِمْ الْحُكْمُ أَمْ لَا؟ وَلَمْ يُجِبْ بِجَوَازِ حُكْمِهِمْ قَبْلَ السُّؤَالِ عَنْهُمْ وَاحْتَجَّ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لِجَوَازِ ذَلِكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي جَوَازِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: وَلِبَعْضِ مَشَايِخِنَا فِيمَا سَجَّلَ بِهِ بَعْضُ الْقُوَّادِ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَرَدَّ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ حَتَّى يُجْعَلَ إلَيْهِ مَعَ الْقِيَادَةِ وَالْجِبِلِّيَّةِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَعَهُ قَاضٍ فِي الْمَوْضِعِ جَازَ حُكْمُهُ لِمَا لِلنَّاسِ فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ وَالِانْتِصَافِ إذَا حَكَمَ بَعْدَ اجْتِهَادِهِ وَمَشُورَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي " مُفِيدِ الْحُكَّامِ ".

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْإِمَارَةَ الْخَاصَّةُ عَلَى تَدْبِيرِ الْجُيُوشِ وَسِيَاسَةِ الرَّعِيَّةِ دُونَ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ، فَهَذِهِ الْوِلَايَةُ مُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْقَضَاءَ مُنْدَرِجٌ فِيهَا لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يُنْقَضُ مَا حَكَمَ بِهِ وُلَاةُ الْمِيَاهِ.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضُ: هُمْ الْوُلَاةُ الَّذِينَ فُوِّضَ إلَيْهِمْ أَمْرُ الْمِيَاهِ وَهُمْ مُقِيمُونَ عِنْدَهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ أُمَرَاءَ الْجَيْشِ أَعْظَمُ مِنْهُمْ فَتَنْفِيذُ حُكْمِهِمْ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.

الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وِلَايَةُ النَّظَرِ فِي الْمَظَالِمِ وَلَهُ مِنْ النَّظَرِ مَا لِلْقُضَاةِ وَهُوَ أَوْسَعُ مِنْهُمْ مَجَالًا، يُرِيدُ بِشَرْطِ الْعِلْمِ، قَالَهُ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ " الْإِحْكَامِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَتَاوَى وَالْأَحْكَامِ " وَبَعْضُ ذَلِكَ مَنْقُولٌ مِنْ مُفِيدِ الْحُكَّامِ.

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْوِلَايَاتُ]

وَمَا يُشْتَرَطُ فِي تَمَامِ الْوِلَايَةِ وَمَا تَفْسُدُ الْوِلَايَةُ بِاشْتِرَاطِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنُ الْأَمِينِ الْقُرْطُبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْوِلَايَاتُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ، فَالصَّرِيحُ أَرْبَعَةُ أَلْفَاظٍ: وَهِيَ وَلَّيْتُك وَقَلَّدْتُك وَاسْتَخْلَفْتُك وَاسْتَنَبْتُكَ. وَالْكِنَايَةُ ثَمَانِيَةُ أَلْفَاظٍ: وَهِيَ اعْتَمَدْت عَلَيْك، وَعَوَّلْت عَلَيْك، وَرَدَدْت إلَيْك، وَجَعَلْت إلَيْك، وَفَوَّضْت إلَيْك، وَوَكَلْت إلَيْك، وَأَسْنَدْت إلَيْك، قَالَ غَيْرُهُ: وَعَهِدْت إلَيْك، وَتَحْتَاجُ الْكِنَايَةُ إلَى أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا مَا يَنْفِي عَنْهَا الِاحْتِمَالَ مِثْلُ اُحْكُمْ فِيمَا اعْتَمَدْتُ عَلَيْك فِيهِ وَشِبْهُ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>