للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَامْتَنَعَ مِنْهَا حَتَّى يُبْرِزَ الْمَطْلُوبُ الْمَالَ الَّذِي يَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِ الطَّالِبِ إذْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ إلَّا بِالْيَمِينِ، فَإِنْ قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَحْلِفَ ثُمَّ يَدَّعِي الَّذِي أَحْلَفَنِي الْعَدَمَ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ صَاحِبُهُ أَنَّهُ مُوسِرٌ وَلَيْسَ بِعَدِيمٍ، فَإِذَا شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ، فَإِنْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ الْعَدَمَ حُبِسَ حَتَّى يُؤَدِّيَ، فَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْعَدَمِ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَكْذَبَهَا، فَثَمَرَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى نَفْسِهِ تَطْوِيلُ سَجْنِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ.

فَرْعٌ: وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ قَضَاءَ الدَّيْنِ فَأَنْكَرَ الطَّالِبُ ذَلِكَ وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَنَكَلَ عَنْهَا وَقَلَبَهَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فَنَكَلَ عَنْهَا أَيْضًا، فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ يَلْزَمُهُ غُرْمُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ إلَّا الْآنَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي أَنْ يُؤْخَذَ عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الْآنَ شَاكٌّ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ إذَا شَكَّ الْمَطْلُوبُ هَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ دُونَ يَمِينٍ تَلْزَمُ الطَّالِبَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالْحَقُّ قَدْ تَوَجَّهَ عَلَى الْمَطْلُوبِ إذْ هُوَ فِي مَعْنَى التَّوَجُّهِ وَإِذَا انْتَهَى الْحَقُّ إلَى هَذَا الظُّهُورِ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ هَذِهِ هِيَ الْقَاعِدَةُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إذَا سَأَلَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُمْهَلَ لِحِسَابٍ وَشِبْهِهِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ بِقَدْرِ مَا يَرَى مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ لِزَمَانِ الْمُهْلَةِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَ الشَّكِّ مُخْتَلِفَةٌ، فَقَدْ يَطُولُ زَمَانُ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَهُمَا وَيَكْثُرُ الْمَالُ وَالتَّقَاضِي، وَقَدْ يَقِلُّ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ كَانَ إمْهَالُهُ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ وَيَظْهَرُ لَهُ مِنْ أَمْرِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ حِينَ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَمْهِلُونِي فَلِي بَيِّنَةٌ دَافِعَةٌ أُمْهِلَ مَا لَمْ يَبْعُدْ فَيُقْضَى عَلَيْهِ وَيُبْقَى عَلَى حُجَّتِهِ إذَا أَحْضَرَهَا، وَلَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي فَحَلَّفُوهُ فَلْيَحْلِفْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَلَمْ يَحْلِفْ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ قَرِيبَةٌ فَاطْلُبُوا مِنْ الْغَرِيمِ كَفِيلًا أُخِذَ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ إلَى الْجُمُعَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>